-1 مفهوم المواءمة:
يتم
استخدام مصطلحات متعددة للتعبير عن الجوانب المختلفة لعملية المواءمة الإقتصادية,
ففي حين استخدام بعض الإقتصاديين مصطلح سياسات التكيف, و يذهب بعضهم الآخر إلى
استخدام مصطلحات أخرى, مثل سياسات التكيف الهيكلي, أو سياسات التكيف طويل الأجل, و
تنطوي المصطلحات السابقة منع إجراء التعديلات الإقتصادية اللازمة في بناء هيكل
الإقتصاد القومي, على نحو يعظم من قدرته على مواجهة الصدمات الخارجية و الداخلية
بمختلف أنواعها و أشكالها, و ذلك بانتهاج الدولة المعنية لمجموعة متكاملة من أدوات
السياسة الإقتصادية التي تستخدم لتحقيق أهداف المجتمع الإقتصادية و الإجتماعية, و
يعبر عن تلك الأهداف في صورة قيم مستهدفة لمعدلات الأداء الإقتصادي, سوءا على
المستوى الداخلي (معدلات عجز الموازنة العامة, معدلات التضخم, معدلات نمو العرض
النقدي, و كذلك معدلات نمو الناتج المحلي الإجمالي), أو على المستوى الخارجي
(معدلات عجز ميزان المدفوعات, و مستوى المديونية الخارجية, و كذلك مستوى
الإحتياطات النقدية الدولية).
و لكي نحدد مفهوما دقيقا لعملة المواءمة
الإقتصادية يتطلب التفرقة بين سياسات جانب الطلب, و سياسات جانب العرض من ناحية, و
كذلك التفرقة بين سياسات الإستقرار الإقتصادي و سياسات التصحيح الهيكلي, من ناحية
أخرى, و هو ما سوف نتناوله فيما يلي: [1]
أ- سياسات جانب الطلب و سياسات
جانب العرض:
تنطوي
سياسات جانب الطلب الكلي, على كافة الإجراءات و التدابير التي تتبناها الدولة
المعنية, بغرض التأثير في مستوى الطلب الإسمي و معدل نموه, و مستوى الاستيعاب
المحلي, و تحتوي تلك السياسات على كافة الإجراءات و التدابير النقدية و المالية.
و تستهدف السياسات الخاصة بجانب العرض
الكلي, زيادة حجم الناتج المحلي من السلع و الخدمات, بما يتوافق مع المستوى المحدد
للطلب المحلي الإجمالي, و تنقسم إلى مجموعتين:
-
الأولى: و تضم الإجراءات الموجهة لزيادة تيار الناتج المحلي من خلال رفع كفاءة
تخصيص الموارد الإقتصادية و يتطلب ذلك التخلص من مظاهر الإنحراف في هيكل الأسعار
الخاصة بالمنتجات المختلفة و أسعار الصرف, إلى جانب تعديل الهيكل الضريبي و أيضا
تخفيف القيود التجارية.
-
الثانية: تتمثل في تلك السياسات التي تستهدف تحفيز الطاقة الإنتاجية, بغرض رفع
معدلات نمو الناتج المحلي في الأجل الطويل, و هي بذلك تضم كافة الإجراءات التي
تساهم في زيادة معدلات الإدخار, و كذلك تعظيم عملية الإستثمار في رأس المال البشري
من خلال توسيع و تطوير نطاق برامج التعليم و التدريب...إلخ. [2]