بسم الله الرحمن الرحيم (يَرْفَعِ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ مِنكُمْ وَٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ } العلم درجات: أولها الصمت، والثانية الاستماع، والثالثة الحفظ، والرابعة العمل، والخامسة النشر ***مروان طاهات*** يرحب بكم ويكيبيديا الموسوعة المروانية MANT

الخميس، 8 سبتمبر 2016

أهمية الاستثمار في تنمية الموارد البشرية

مقدمة:
أصبح عالمنا اليوم لا يعترف إلا بالدولة القوية، لا من حيث القوة العسكرية فحسب، وإنما من حيث قوتها الاقتصادية، وإذا كانت القوة العسكرية ضرورةً لأية دولة لكي تحمي بها سيادتها، فإن القوة الاقتصادية أصبحت ضرورةً أيضاً؛ تحمي بها قرارها، فالدولة التي تعتمد في مأكلها، وصناعتها، وتجارتها... إلخ على الغير تفقد الكثير من عناصر التحكم في قراراتها - إن كان بيدها قرارٌ في الأصل - وقديماً قالوا: "مَنْ أكل من فأسه، قراره من رأسه"!، وهذا لا يتعارض مع التبادل التجاري، والتقني، والتكنولوجي، والزراعي... إلخ بين الدول، القائم على أساس المشاركة لا التبعية؛ فالدولة الحرة لا تكون عالةً على غيرها، سواء كانت دولةً أو اقتصاداً عالمياً.

ولم يعد خافياً على أحد أن مقياس تقدم الدول هو فيما تنتجه وتقدمه لشعبها أولاً، ثم لشعوب الدول الأخرى، فها هو العالم الموسوم بالعالم المتقدم - (7+1): الولايات المتحدة الأمريكية، وبريطانيا، وفرنسا، وألمانيا، وإيطاليا، وكندا، واليابان، وروسيا - لم يوسم بالتقدم إلا من خلال ما قدمه للعالم أجمع من تكنولوجيا صناعية متقدمة، أنتج بواسطتها منتجات متقدمة ومتنوعة.

واعتمدت الدول المتقدمة في نهضتها العلمية والعملية على ما تمتلكه من ثروة بشرية، فوجهت جل استثماراتها نحو تنمية هذه الثروة البشرية وتمكينها، من أدوات ووسائل العلم النظري، والتطبيق العملي المتقدم..! وهدفت من وراء ذلك إلى رفع الكفاءة الإنتاجية، وتميز هذه الثروة البشرية، وقد حققت هدفها، والواقع خير دليل على ذلك.

وإن كان تقدم الولايات المتحدة، وبريطانيا، وفرنسا - وهم الدول المنتصرة في الحرب العالمية الثانية – طبيعياً، فإن من غير الطبيعي أن نجد من بين الدول المتقدمة (ألمانيا، واليابان) وهما الدولتان الخاسرتان في الحرب! وهما خير نموذج للاهتمام بالاستثمار في تنمية الموارد البشرية، وخاصةً اليابان، التي لديها ندرة شديدة في الموارد الطبيعية، وبالرغم من ذلك؛ فقد استطاعت بما تمتلكه من ثروة بشرية أن تبني اقتصاداً قوياً، تقف من خلاله بين مصاف الدول الثمانية الكبار – المشار إليها آنفاً.

وقبل الولوج في الحديث عن أهمية الاستثمار في تنمية الموارد البشرية، ومساهماته في معالجة التنمية الاقتصادية، نود أن نتحدث بإيجاز عن بعض المفاهيم الخاصة بالتنمية بشكل عام، وكذلك الحديث عن الإنتاجية، وأهمية الإنتاجية على مستوى كل من: الفرد، والشركة أو المنظمة، ومردود ذلك على الاقتصاد الوطني والمجتمع ككل؛ ومن ثَمَّ الحديث عن أهمية واستخدامات تحليل الوظائف والتدريب كوسيلتين هامتين تشترك كلٌّ منهما - مع العديد من الوسائل الأخرى - في عملية الاستثمار في التنمية البشرية. 

التنمية 
Development:
للتنمية مفاهيم عدة، تختلف هذه المفاهيم باختلاف المجال الذي تنشده التنمية، فهناك مفهوم خاص بـ (التنمية الاقتصادية)، يهتم بإحداث تغييرات اقتصادية تساعد على إكساب المجتمع القدرة على إشباع حاجاته الأساسية (الفسيولوجية)؛ من مأكل، ومشرب، ومسكن، تتبعها مراحل أخرى تصل بهذا المجتمع إلى درجات متزايدة من الرفاهية، وذلك عن طريق الترشيد اليقظ والمستمر في استغلال هذا المجتمع لثرواته البشرية، وموارده الاقتصادية المتاحة.
وهناك مفاهيم خاصة بـ (التنمية السياسية)، و(التنمية الثقافية)، و(التنمية الاجتماعية).. وغيرها.
وما يهمنا في هذا المقام هو مفهوم (التنمية البشرية)؛ حيث اهتم هذا المفهوم بدعم القدرات الخاصة بالفرد الذي يتكون منه المجتمع، وقياس درجة مستوى معيشة هذا الفرد، ومدى تحسن أوضاعه المعيشية في المجتمع الذي ينتمي إليه.

وبالنظر إلى مفهوم التنمية البشرية – كما ذكرنا – نجده أكثر شمولاً عن مفهوم التنمية البشرية الذي سيطر على فكر الدول بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية وحتى بداية التسعينيات من القرن الماضي (القرن العشرين)، والمفهوم القديم للتنمية البشرية كان مقتصراً على كمية ما يحصل عليه الفرد من سلع وخدمات مادية (فسيولوجية)، أي: كلما استطاع الفرد أن يحصل على المزيد من تلك السلع والخدمات؛ كلما ارتفع مستوى معيشته؛ ومن ثَمَّ زادت رفاهيته، وهنا تتحقق التنمية البشرية.

إلا أنه مع توسيع مفهوم التنمية ليشمل العديد من النواحي النفسية (السيكولوجية) مثل: الغايات والأهداف الخاصة بالفرد، والتي يحقق معها ذاته وطموحاته... إلخ، إضافةً إلى الأهداف الاقتصادية، مما أدى إلى تغيير مفهوم التنمية البشرية من مجرد إشباع النواحي الفسيولوجية للفرد - كدليل على وصوله إلى مستوى معيشي كريم - إلى مفهوم التنمية البشرية الأوسع، والذي يرتبط بجودة حياة الفرد، بإشباع حاجاته الفسيولوجية والسيكولوجية معاً؛ وليس حياته الفسيولوجية فقط.
وقد أخذت الأمم المتحدة على عاتقها إبراز مفهوم التنمية البشرية، وذلك منذ العام 1990م؛ حين نادت بـ (برنامج الأمم المتحدة للإنماء)، وخصَّصت له تقريراً سنوياً.

ويرجع الاهتمام العالمي بتنمية الموارد البشرية إلى أن البشر هم الثروة الحقيقية لأيَّة دولة، ولأي أمة، وكلما تمكنت الأمة من الحفاظ على ثروتها البشرية، وعملت على تنمية قدراتها عن طريق التأهيل والتدريب المستمر، لإكسابها القدرة على التعامل مع الجديد الذي يظهر على الساحة الدولية بين الحين والآخر؛ كلما تقدمت هذه الأمة اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً بين الأمم الأخرى.

فالتنمية البشرية تهدف إلى توسيع مدارك الفرد، وإيجاد المزيد من الخيارات المتاحة أمامه، كما تهدف إلى تحسين المستويات الصحية، والثقافية، والاجتماعية، وتطوير معارف ومهارات الفرد، فضلاً على توفير فرص الإبداع، واحترام الذات، وضمان الحقوق الإنسانية، وضمان مشاركاته الإيجابية في جميع مناحي الحياة.

فالاستثمار في تنمية الموارد البشرية أمر هام وضروري، لما للموارد البشرية من أهمية قصوى؛ فهي الثروة الحقيقية والرئيسة للأمم، والأمم المتقدمة أيقنت تلك الحقيقة؛ فأحسنت التخطيط الاستراتيجي، ونفذت برامج محددة لتنمية هذه الثروة البشرية على مدار عقود من الزمان، ونجحت فيما خططت ونفذت، وها هي اليابان خير شاهد على نجاح الاستثمار، وها هي الصين – صاحبة المليار ونصف المليار من البشر - تخطو بخطى ثابتة ومدروسة نحو قيادة العالم، من خلال هذه الثروة البشرية الهائلة، التي جعلت منها ميزة تميزها عن سائر الأمم، ولم تجعل منها عبئاً ثقيلاً أو شماعة تلقي عليها فشلها كما تفعل كثير من حكومات العالم الثالث أو العالم النامي - كما يسمونه.

إن الموارد الطبيعية والأموال المتوافرة لدولة ما - رغم أهميتهما وضرورتهما الكبرى - لا يغنيان أبداً عن العنصر البشري الكفء، والماهر، والفعال، والمدرَّب، والمعد إعداداً جيداً مبنياً على أسس علمية دقيقة، وهذه حقيقة راسخة على مر العصور والأزمان، فالأموال والموارد الطبيعية لا ينتجان منتجاً بذاتهما، فالبشر – بخصائصهم التي خلقهم الله - سبحانه وتعالى - عليها - هم القادرون على استخدام هذه الموارد - بنسب متفاوتة من حيث الكفاءة والفعالية - في العمليات الإنتاجية، للحصول السلع والخدمات التي تعمل على تحقيق أقصى إشباع ممكن للحاجات الفسيولوجية للفرد، بهدف الوصول إلى تحقيق الرفاهية أو الحياة الكريمة للفرد والمجتمع؛ ومن ثَمَّ التقدم الاقتصادي للدولة، وللاقتصاد العالمي ككل.

فالعنصر البشري بما لديه من قدرة على التجديد، والإبداع، والاختراع، والابتكار، والتطوير، يمكنه أن يتغلب على ندرة الموارد الطبيعية، وألا يجعلها عائقاً نحو النمو والتقدم، عن طريق الاستغلال الأفضل - إن لم يكن الأمثل - لطاقات المجتمع العلمية والإنتاجية، فضلاً عن الاستغلال الرشيد للموارد الطبيعية والاستثمارات المتاحة.

ومما ذكرنا: يتبين لنا أهمية العنصر البشري؛ والذي يمثل الركيزة الأساسية لتحقيق التنمية الشاملة في كافة المجالات الاقتصادية، والثقافية، والاجتماعية... إلخ.

ومما لا شك فيه أن الدولة التي لا تستطيع - أو تعجز عن - تنمية مواردها البشرية لا يمكنها أن تحقق غاياتها وأهدافها المخططة والمأمولة، مهما ابتكرت من وسائل، وإنما يمكنها أن تحقق غاياتها وأهدافها عن طريق تضافر جميع عناصر الإنتاج: ( الأرض، والعمل، ورأس المال، والإدارة).
ونلاحظ: أن العنصر البشري بما حباه الله - سبحانه - من عقل وطاقات وجهد بشري يمثل عنصرين من عناصر الإنتاج، وهذا التضافر يؤدي بلا ريب إلى التطور والتقدم المنشود، واستغلال الموارد الطبيعية المتاحة الاستغلال الأمثل، وفتح الأسواق، والقيام بعمليات التبادل التجاري... إلخ، فهناك دول تمتلك موارد بسيطة، ومع ذلك فهي دول متطورة، مثل اليابان – كما ذكرنا سابقاً.
وقبل أن نوضح دور تحليل الوظائف والتدريب في رفع الكفاءة الإنتاجية للأفراد المكونين للعمالة البشرية، أود أن أتطرق للحديث – بإيجاز - عن: ماهية الإنتاجية، أهمية الإنتاجية على مستوى الفرد (العامل)، والشركة أو المنظمة، والاقتصاد الوطني، والمجتمع.

ماهية الإنتاجية:
الإنتاجية: هي كمية الإنتاج من السلع أو الخدمات، التي تتحقق خلال مدة زمنية محددة، عن طريق وحدة معينة من وحدات العمل.
أهمية الإنتاجية على مستوى الفرد (العامل)، والشركة أو المنظمة، والاقتصاد الوطني، والمجتمع:

- أهمية الإنتاجية على مستوى الفرد (العامل):
 
إنتاجية الفرد العامل ما هي إلا انعكاس حقيقي لمدى مساهمته في العمل - ككل - بالجزء المكلَّف به، والذي يستخدم جهده، وعلمه، ومهارته في أدائه، وتحسب مساهمة الفرد العامل بمقدار القيمة المضافة إلى المنتج النهائي.
ومن الطبيعي أنه كلما زادت إنتاجية الفرد؛ زادت مساهمته في القيمة المضافة إلى المنتج النهائي، فضلاً عن زيادة أهمية دوره الوظيفي، مما ينعكس على شعوره بمدى أهميته في مكان عمله، وما يحصل عليه من مزايا معنوية، متمثلة في شهادة تقدير، أو ثناء رؤسائه على عمله وتقديرهم له، مما يزيد من روحه المعنوية، التي تدفعه إلى بذل المزيد من الجهد، ومن ثَمَّ الحصول على المزيد من التقدم على المستوى الفردي، وعلى مستوى العمل، ومن ثَمَّ شعوره بمدى أهميته داخل مجتمعه، فضلاً عن المزايا المادية، المتمثلة في زيادة الدخل، والمزايا العينية الأخرى.

وعلى النقيض من ذلك: كلما انخفضت إنتاجية الفرد؛ انخفضت – وقد تتلاشى - مساهمته في القيمة المضافة إلى المنتج النهائي، فضلاً عن انخفاض أهمية دوره الوظيفي، مما ينعكس على شعوره بمدى عدم أهميته في مكان عمله – والذي قد يتعرض لفقده – وما يترتب على ذلك من آثار نفسية سلبية ومؤلمة، تؤدي بلا شك إلى المزيد من انخفاض الروح المعنوية، فضلاً عن العقوبات المادية التي قد يتعرض لها، من خصومات تؤدي في النهاية إلى انخفاض دخله، ومن ثَمَّ شعوره بمدى عدم أهميته داخل مجتمعه.

- أهمية الإنتاجية على مستوى الشركة أو المنظمة:
استمرار الإنتاجية يعبر عن وجود إدارة تؤدي دورها، وزيادة الإنتاجية وجودتها وكفاءة عملياتها يعبر عن كفاءة الإدارة في استغلال الموارد الطبيعية والإمكانيات المادية والبشرية المتاحة لها على الوجه الأمثل، وهذا يؤدي إلى تحقيق النتائج المرجوَّة – وليست المطلوبة فقط - من العملية الإنتاجية.

ومن المسلَّم به: أن زيادة الإنتاجية لا تأتي فقط نتيجة كفاءة الإدارة في استخدام الأساليب الإدارية الحديثة في إدارتها للعملية الإنتاجية؛ بل يتواكب مع ذلك استخدام التكنولوجيا المتطورة والحديثة في تطوير المنتج بشكل مستمر، فضلاً عن الاستثمار في تنمية الموارد البشرية، وتطويرها المستمر، عن طريق وضع البرامج التدريبية المدروسة على أسس علمية؛ للنهوض الدائم والمستمر بالقوى العاملة المتاحة للشركة أو المنظمة، وحرص الإدارة الدؤوب على جودة المنتج وتميُّزه، وهذا يتطلَّب التخطيط السليم، والمتابعة المستمرة للعملية الإنتاجية؛ منذ البداية، وحتى الوصول إلى المنتج النهائي في الصورة المرجوَّة، ويتطلب ذلك من الإدارة أن تكون حريصة على كفاءة الخامات المكوِّنة للمنتج، والآلات والمعدات التي يمر بها المنتج، فضلاً عن كفاءة العمالة الماهرة التي تقوم بالعملية الإنتاجية.

- أهمية الإنتاجية على مستوى الاقتصاد الوطني:
كما ذكرنا آنفاً – إن استمرار الإنتاجية يعبر عن وجود إدارة تؤدي دورها، وزيادة الإنتاجية وجودتها وكفاءة عملياتها يعبر عن كفاءة الإدارة في استغلال الموارد الطبيعية والإمكانيات المادية والبشرية المتاحة لها على الوجه الأمثل، وهذا يؤدي إلى تحقيق النتائج المرجوَّة – وليست المطلوبة فقط - من العملية الإنتاجية – هذا على مستوى الشركة أو المنظمة – وكذلك ينطبق الحال على أهمية الإنتاجية على مستوى الاقتصاد الوطني – مع الاحتفاظ بالفوارق بين اقتصاد الشركة أو المنظمة والاقتصاد الوطني ككل -  فإن الإنتاجية تعبر عن كفاءة الدولة ككل في إنتاج سلعها وخدماتها، فالعملية الإنتاجية - على مستوى الدولة - تعكس مستوى أداء كافة أجهزة ومؤسسات الدولة، ومدى نجاح هذه الأجهزة وتلك المؤسسات في تحقيق غايات وأهداف خطة الدولة في مجال إنتاج السلع والخدمات بالجودة والكفاءة المرجوَّة.

- أهمية الإنتاجية على مستوى المجتمع:
إذا لم تُزد العملية الإنتاجية في القيمة المضافة للمجتمع، ولم يكن تأثيرها إيجابياً ومباشراً وملموساً على رفاهيته؛ فإن العملية الإنتاجية في هذه الحالة تكون قد انحرفت عن المسار الطبيعي لها.

فالمسار الطبيعي للعملية الإنتاجية هو: توفير السلع والخدمات - بالجودة والكفاءة العالية - لجميع أفراد المجتمع، وأن تعمل هذه السلع المنتَجَة والخدمات المقدَّمة على إشباع أذواق ورغبات المستهلكين لها، فضلاً عن توافر كميات مناسبة من هذه السلع وتلك الخدمات لمواجهة حاجات المستهلكين.

تحليل الوظائف:
من بين الأساليب والوسائل الإدارية الهامة التي تأخذ بها الإدارات العليا الناجحة في أيَّة منظمة أو شركة أسلوب (تحليل الوظائف)، فهذا التحليل الدقيق للوظائف يوفر للإدارة بيانات ومعلومات هامة عن واجبات ومسؤوليات الوظائف، ومدى الحاجة إلى إنشاء وظائف جديدة، أو إلغاء وظائف قائمة، وهذا من شأنه مساعدة الإدارة في إدارة مواردها البشرية بشكل ناجح وفعَّال.

ويمكننا تلخيص بعض المزايا التي يقدمها تحليل الوظائف للإدارة فيما يلي:
1- التنظيم الإداري للشركة: عن طريق تقسيم العمل، وتحديد المسؤوليات والسلطات الممنوحة للمسؤولين، والعمل على إيجاد التوازن بين السلطة والمسؤولية.

2- التدريب: حيث يقوم تحليل الوظائف بتحديد الفجوة بين المهارات الحالية للموظفين والمهارات المأمول والمطلوب توافرها، ومن خلال هذا التحديد تتمكن الإدارة من وضع الخطة التدريبية الصحيحة لسد هذه الفجوة.

3- التخطيط السليم للقوى العاملة.

4- التعويضات والمكافآت والحوافز للعاملين.

5- إعادة تصميم وتصنيف الوظائف.

6- تحسين الأداء الوظيفي.

7- اكتشاف الخلل في بيئة العمل الداخلية، ومحاولة القضاء عليه، والعمل على تحسين ظروف العمل الداخلية والخارجية، في حدود الإمكانات المتاحة.

التدريب والتنمية البشرية والاقتصادية:
تتجه غالبية دول العالم الآن نحو الأخذ بوسائل التدريب المتقدِّمة؛ لرفع وزيادة الكفاءة الإنتاجية؛ والتي تمثل إحدى الأهداف الرئيسية للتنمية البشرية، وإن اختلفت درجات هذا التوجُّه بين العالم المتقدم، والعالم الذي يقف على أبواب التقدم، والعالم النامي.
فمعظم الدول أصبحت تعي أهمية التدريب؛ لما له من دور فعَّال في المحافظة على مكتسباتها الحالية، والمساعدة في تحقيق استراتيجياتها المستقبلية.

وهناك علاقة وطيدة بين التدريب وتنمية الموارد البشرية؛ حيث ترتكز تنمية الموارد البشرية فيما ترتكز على:
1- وجود كفاءات منتقاة من المديرين، تم صقلها بأساليب تدريبية عالية، أكسبتهم مهارات خاصة، وخبرات كبيرة.
هؤلاء المديرين تعقد عليهم شركاتهم آمالاً عريضة في الانتقال بها نحو مصاف الشركات الناجحة؛ بل والمتميزة، فالمدير الناجح يعمل دائماً على رفع مستوى أدائه، ورفع مستوى أداء وتنمية مهارات العاملين معه تحت إدارته.

وتظهر كفاءة المديرين من خلال نتائج عدة، أهمها:
استمرار جودة المنتج وتطوره، مع خفض التكاليف، وخلق أسواق جديدة للمنتج، مع المحافظة على حصة شركاتهم، والعمل على زيادتها في الأسواق الموجودة بها، مما يساهم في تحقيق التنمية الاقتصادية فيها، ويكون له مردوده الإيجابي والمباشر على التنمية البشرية للعاملين في هذه الشركات، وعلى التنمية الاقتصادية للصناعة التي تنتمي إليها، فضلاً عن التنمية الاقتصادية للمجتمع والدولة ككل.

2- العمل على توافر وامتلاك المهارات المكتسبة، عن طريق التدريب، وتنمية هذه المهارات واستغلالها الاستغلال الأمثل، فالمهارات يمكن إكسابها للأفراد عن طريق الخطط التدريبية ذات الكفاءة العالية، والمخطط لها بشكل علمي سليم، مع الحفاظ - في ذات الوقت - على المهارات الموهوبة للأفراد بعد اكتشافها، بالعمل على تنميتها وصقلها ببرامج تدريبية خاصة، وتوفير البيئة الصحيحة المساعدة على تأصيل هذه الموهبة.

3- وجود خطط تدريبية عامة وخاصة؛ فتدريب العاملين أمر هام وضروري، خاصةً العاملين أصحاب المهن الفنية المعقَّدة، باتباع طرق التدريب الأساسي، والتدريب التخصصي.
فالصناعات الدقيقة والمعقدة تتطلب دائما عمالة فنية ذات مهارات عالية، وهذه العمالة تحتاج أيضاً – وبشكل مستمر – برامج تدريبية متخصصة؛ لكي تؤهلهم وتمكنهم من التعامل مع الصناعات القائمة، وما يستجد عليها من تطور وتقنيات حديثة.
ولا يخفى على أحد أن العمالة الماهرة المدربة، تتهافت عليها كبريات الشركات العالمية، ولها كادر مميز من حيث الرواتب والمكافآت والحوافر لا يتوافر لغيرها، فالتدريب المتخصص يساعد على تنمية الموارد البشرية.

4- انفتاح العمالة (المدرِّب والمتدرِّب) على العلم في مجال التخصص، والثقافة بشكل عام، والعمل على اكتساب لغات الدول المتقدمة صناعياً وتكنولوجياً؛ حتى تتمكن هذه العمالة من مسايرة كل جديد في مجال تخصصها، فضلاً عن فتح فرص عمل ذات مميزات خاصة لها، عن طريق الالتحاق بالوظائف المميزة في الشركات متعددة الجنسيات، التي أصبحت منتشرة حول العالم كمظهر من مظاهر العولمة، أو ترغيب هذه الشركات في الاستثمار في بلدان هذه العمالة الماهرة، مما ينعكس بدوره على إنعاش اقتصاديات أوطان هذه العمالة، وخلق فرص عمل جديدة، وبالتالي تنمية الموارد البشرية والاستثمار فيها، وهذا كله يصب في تقدم بلدانهم صناعياً، واجتماعياً، وثقافياً.
إن الاهتمام بالفكر والتخطيط الاستراتيجي يساعد كلاًّ من الشركة أو المنظمة أو الدولة على الوصول إلى ما تصبو إليه من تقدم، ونموٍّ مطَّرد؛ ومن ثَمَّ الازدهار والرفاهية، وصولاً إلى الحياة الكريمة.
ويعد الاهتمام بالتنمية البشرية حجر الزاوية، وأساساً جوهرياً لتأكيد التنمية بمفهومها الشامل لكل المجالات، سواء كانت اقتصادية، أم اجتماعية، أم سياسية، أم ثقافية... إلخ.

والأخذ بالتطوير الشامل المدعوم بالتدريب العام والمتخصص يمكِّن الدولة، والشركة، والمنظمة، والفرد، من مواكبة التغيُّرات السريعة التي يشهدها عالم اليوم.

والتدريب هو استثمار حقيقي ومباشر يؤدي إلى تنمية الموارد البشرية؛ فكلما زاد استثمار الدولة - أو الشركة أو... - في تنمية مهارات الأفراد، ورفع مستوى كفاءتهم العلمية والعملية، ومن ثَمَّ الإنتاجية، مما يصب في النهاية في مجرى رفع مستوى معيشتهم؛ كلما ملكت عليهم أفئدتهم وعقولهم، وولائهم وانتمائهم، فضلاً عن امتلاكها لمهاراتهم التي أكسبتهم إياها ببرامج التدريب المدروسة والمفيدة.


البدائل المتاحة لسندات الاستثمار في الفقه الإسلامي


الاستثمار.. أهدافه ومزاياه


أهمية الأعمال المصرفية الاستثمارية:
"إن مَن ينظر إلى الاقتصاد في العالَم بصورةٍ عامَّة، يجد أن هناك معاركَ اقتصاديةً طاحنة إن صح التعبير، سواء فيما بين الدول المتقدمة اقتصاديًّا، أو بينها وبين الدول النامية، فكل دولة تحاول تنشيطَ أعمالها الاقتصادية ولو بضررٍ على الأعمال الخاصة بدول أخرى، ومن هنا جاء الإسلام حاثًّا على ضرورة تحريك واستثمار المال والنهي عن تكديسه، ومزاولة التجارة للنفع والانتفاع، وتحريك اقتصاد الدولة الإسلامية؛ ولذلك فإن على الدول الإسلامية الناميةِ في عصرنا الحاضر عمومًا ضرورةَ التضامن والترابطِ؛ لكي يمكنَها مواجهة تحدِّي الدول الغنيَّة، خاصة بالنسبة للقروض التي تحتاج لاقتراضها من الدول المتقدمة، وتُقدِّمها هذه الأخيرةُ عادةً بشروطٍ باهظة، وبسعر فائدة مرتفعٍ، الأمر الذي كانت نتيجتُه تراكمَ الديون على الدول النامية"[1].

ومن ناحية أخرى، فإن الصناعاتِ المختلفةَ القائمةَ في الدول الأجنبية، كانت - وما زالت - تعتمدُ وبصورةٍ كبيرة على الموادِّ الخام في البلدان الإسلامية العربية؛ مما جعل الاستثماراتِ الأجنبيةَ تتدفَّق على المنطقة العربية، لا سيما مع رُخْص الأيدي العاملة، وما يُقدِّمه أهل تلك الدول من امتيازات خاصة لهذه الدول الأجنبية؛ كالإعفاءات الضريبية وغيرها.

أهداف الاستثمار في المصرف الإسلامي:
إن من أعظم أهدافِ الاستثمار في المصرف الإسلامي محاولةَ النهوض باقتصاد الأمة الإسلامية، والمشاركة الفعَّالة في تنمية الاقتصاد؛ للتصدي للغزوِّ الاقتصادي الأجنبي المتدفِّق.

فالمال هو عصب الحياة، فهو يُشارِكُ في كافَّة المجالات بالنسبة للدولة الإسلامية، سواء منها المجالات السياسية، أو الصناعية، أو الزراعية، أو أي مجال يمسُّ واقع المسلمين، فالاهتمام بعد ذلك بالاستثماراتِ الناجحة من أبرز مُقوِّمات التقدُّم بمختلف جوانبه.

ويمكن تلخيص الفوائد للاستثمارات في المصرف الإسلامي كما يلي[2]:
1- تعاون رأس المال وخبرة العمل في التنمية الاقتصادية.

2- حصول المستثمر على الربح العادل الذي يتكافأ مع الدور الفعلي الذي أدَّاه المال في التنمية الاقتصادية.

3- تحرير الفرد من نزعةِ السلبية التي يتَّسِم بها المودع المنتظر للفائدة الربوية.

4- تنشيط عمليات التنمية في المجتمع والنهوض باقتصادياته.

ويمكن إضافة أهدافٍ للاستثمار تخصُّ عمل البنوك الإسلامية من الناحية التطبيقية، وهي كما يلي[3]:
1- تأمين السيولة الكافية للبنك، وذلك بإيجاد احتياطات تمتازُ بسهولةِ تحويلِها إلى سيولة نقدية، في الوقت نفسه العمل على تشغيل جزءٍ من الاحتياطات النَّقدية العاطلة في بعض ميادين الاستثمارات؛ وذلك بالاستثمار في الأوراق المالية (الأسهم)، والتي تُحقِّق عائدًا من طريق الأرباح التي تُحقِّقها الشركات العائدة لها هذه الأسهم.

كما أنه في الوقت نفسِه يُمكِن بيعُها عند الحاجة إلى سيولة نقدية، قد يتعرض البنك عند قيامه بالبيع لجزء من هذه الاستثمارات لتدعيمِ سيولته لمقابلة حركات السحب على الودائع - لبعض الخسائر؛ نتيجة لانخفاض الأسعار، لكن يمكن تغطيةُ هذه الخسارة من الإيرادات الأخرى.

2- تنويعُ الاستثمارات، وذلك بالقيام بالمشاركات والمضاربات في مختلف الأنشطة الاقتصادية، مع تعدُّد أساليب الاستثمار؛ بحيث تكون نسبة المخاطر أقلَّ بتغطية خسائر بعض النشاطات بأرباح النشاطات الأخرى من خلال سياسة توزيع المبالغ المخصصة للاستثمار على مختلف المجالات؛ بحيث تتوزَّع المبالغ على أوسع نطاقٍ لخدمة رجال الأعمال الذين يحتاجون إلى التمويل قصير الأجل.

3- التركيز على عمليات الاستثمار التي تساعد في تكوين الطلب على المنتجات المحلية، وفي توفير السلع الإستراتيجية، التي يُمثِّل توافرُها ضرورةً اجتماعية وسياسية؛ لهذا فإن على البنك توجيهَ جزءٍ من الأموال المتاحة في تكوين الطلب إلى هذا النوع من السلع الأساسية، لكن بشرطِ ملاحظة سهولة بيعِها وتخزينها.

4- إيجاد التوازن بين متطلبات البنك من السيولة النقدية المحتجزة، وسياسة الاحتياطات النقدية المقررة من البنك المركزي؛ لمقابلة الاحتياجات النقدية، أو لتنفيذ السياسة النقدية التي يرسمها البنك المركزي.

فمما سبق تتضح ضرورةُ المشاركة من كل مَن بيدِه المشاركة في هذه الأعمال الاستثمارية على مستوى البنوك الإسلامية والأفراد.

مزايا الاستثمار في المصارف الإسلامية:
لعل من أبرز مزايا ومحاسن الاستثمار وَفْق القواعدِ الشرعية أنه استثمارٌ فعلي يُحرِّك الأموال، ويُشارِك في النشاط الاقتصادي مشاركةً فعَّالةً، مما يكونُ له دَوْر كبير في تنمية مختلف الجوانب المفيدة تجاريًّا واقتصاديًّا للبلدان الإسلامية.

ولعل من أبرز تلك المزايا أيضًا ما تُسبِّبه تلك الطرق الاستثمارية من استقلالية اقتصادية للعالَم الإسلامي، وتفصيل مزايا استثمار المصرف الإسلامي التطبيقية كما يلي[4]:
1- مشاركة المصرف للمستثمرين في نشاطهم الإنتاجي مَدْعاةٌ لأن يُجنِّد المصرف خبرتَه الفنية في البحث عن أفضل مجالات الاستثمار، أو البحث عن أرشد الأساليب، وبذلك يتعاون رأس المال وخبرة العمل في تنمية الاقتصاد القومي.

 ويتَّفِق هذا تمامًا مع التوجيهات الإسلامية من حيث الحفاظ على رأس مال المجتمع وحسن استخدامه؛ فالمصرف إذ يُشارِك بخبرتِه وعلمه يحفظُ ثروةَ المجتمع من التعرُّض لأي تبديل، نتيجة عدم توافر الخبرة لدى مستثمر لا تتوافر لديه المتطلبات العلمية، والنظرة الفاحصة التي تحميه في ممارسة عمله، كما وأن مشاركةَ المصرف بخبرتِه أيضًا فيه رعايةُ وحماية المستثمر من مخاطرَ كان من الممكن أن يقع فيها لولا مشاركةُ المصرف له.

 وفي هذا الأسلوب الإسلامي ضمانٌ لنجاح المشروعات المقترَض من أجلها من ناحية، وأداءٌ لحق واجب للمجتمع الإسلامي من ناحية أخرى، ومزاوجةٌ بين العلم والجهد من ناحية ثالثة، تلك المزاوجة التي تخفف من العبء المادي عن المقترض.

2- صاحب المال الذي يُودِع ماله في مصرف إسلامي - يُوظِّف أمواله على أساس شركة المضاربة - سوف يحصُلُ على الربحِ العادل الذي يتكافأ مع الدَّوْر الذي أدَّاه ماله في التنمية الاقتصادية، وفي ذلك تشجيع للمسلمين على إيداع أموالهم لدى المصرف الإسلامي، ودوام استثمارها بواسطته، كما أن فيه ربطًا للمسلمين بعملية تكوين رأس المال (الإضافات الرأسمالية أو القيمة المضافة) كركنٍ أساسي في تدعيم اقتصاديات العالَم الإسلامي، وإقبالهم على مداومةِ استثمار ما لديهم من أموال، بدلاً من الاكتناز الذي تتحوَّل به الأموال إلى رأس مالٍ آسنٍ يُحرَمُ اقتصاد العالَم الإسلامي منه، قال - تعالى -: ﴿ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ﴾ [التوبة: 34].

 وعِلاوةً على ما تقدَّم، فإن المسلمين الذين كانوا يجدون حرجًا في إيداع أموالهم لدى المصارف غير الإسلامية فيكتنزونها أو يُنفِقونها إنفاقًا غير رشيد - هؤلاء سيفتحُ نظامُ المضاربةِ لهم البابَ الذي يُزِيل عن نفوسِهم الحرجَ، فينتفعون وينتفع المجتمع.

3- في تحرير أموال المسلمين من الفائدة المحدَّدة - والتي هي الربا في مجتمعنا الحالي - تخليصٌ لهم من عنصر السلبية الذي يتَّسِم به المودع الذي يودع ماله انتظارًا للفائدة، وفي هذا الإجراء إنقاذٌ لرأس المال الإسلامي من أن يودع في المصارف الأجنبية.

ولم يكن أولئك الذين ابتدعوا الفائدة وأصرُّوا على سريانها في معاملات الدول الإسلامية عابثينَ عندما ابتدعوها، ولكنهم كانوا يُرِيدون استلالَ جانب الإيجابية تدريجيًّا من نفوس المسلمين، فاتخذوا الفائدة سلاحًا يُعِينهم على ذلك، مستندين إلى نزعة النفس الإنسانية إلى حب الراحة، وكذلك ربما استنكفوا أيضًا عن أداء الزكاة، فالذي يقبَلُ أن يستقضي فائدةً وهي محرَّمة، لن يُقدِم على أداء الزكاة المفروضة؛ إذ كيف يتسنَّى له أن يُخرِج الزكاة (وهي تطهير) من مصدر تكتنفه الشبهات إن لم يكن التحريم، كما وأن حرصَه على ماله سوف يجعلُه مترددًا في إخراج الزكاة من رأس المال؛ حتى لا يعرضه للنقصان، ومن هنا كانت حكمة الرسول - عليه الصلاة والسلام - عندما أوصى باستثمار مال اليتيم؛ حتى لا تأكله الزَّكاة.

4- عدم اعتماد المصرف الإسلامي على الفرق بين سعرِ الفائدة الدائنة والمَدِينَة مَدْعاةٌ لتنشيط عمليات التنمية في المجتمع، عن طريق تجنيد المصرف لكل طاقاته وإمكانياته الفنية في استخدام الأموال التي لديه؛ وذلك لأن المصرف كجهازٍ من الأجهزة العاملة له مصاريفه ونفقاته.

وفي المصارف غير الإسلامية تتمُّ تغطيةُ هذه المصاريف من الفرقِ بين سعر الفائدة المَدِينة والدائنة، أما في المصارف الإسلامية، فإن تغطية هذه المصاريف لن تتأتَّى إلا عن طريق عائد استثماراته، وهي بذلك تكون المصدر الأكبر لتغطية هذه المصاريف؛ وذلك ما يجعل المصرف الإسلامي حريصًا كل الحرص على استكشاف مجالات الاستثمار التي تعود على المصرف بالربح المجزي، والتي تعود على المجتمع بالفائدة من ناحية أخرى.

أما الأمر الذي يفوقُ كل ذلك أهميةً، فإنه يتمثَّل في أن المصارف غير الإسلامية؛ إذ تعتمدُ على الفرق بين سعر الفائدة، تقومُ بإيداعِ الأموال المتجمِّعة لديها لدى مصارف أو مؤسسات أخرى، ولو تتبَّعنا هذه العملية، لوجدنا أن هذه الأموال تصب في النهاية في الأجهزة التي تقوم بعملية الاستثمار، والتي غالبًا ما تكون استثماراتُها في غير صالح الدول الإسلامية.

وهكذا، فإن قيام المصرف باستثماراته مباشرةً أو عن طريق المشاركة، سوف يُعِيد إلى الدول الإسلامية ما كان يتسرَّب منها من أموال.

5- يكفل نظام المشاركة النهوض باقتصاديات العالم الإسلامي؛ وذلك لأن المصرف الإسلامي لا ينظرُ إلى الفائدة على أنها المؤشِّر الأساسي لتحديد الكفاية الحدِّية لرأس المال، ولتوجيه الاستثمارات دائمًا، وإنما المُؤشِّر الأساسي لديه يكون هو الرِّبح بجانب الاعتبارات الاجتماعية الأخرى، المرتبطة ارتباطًا وثيقًا به وبالاقتصاد؛ مثل العمالة، ورفاهية المجتمع، واحتياجات المجتمع الإسلامي من الإنتاج، ممثَّلة في مشروعات داخل العالم الإسلامي.

6- في أخذ المصارف الإسلامية بمبدأ المشاركة تمكينٌ للمصرف (بوصفه جهازًا اقتصاديًّا مسؤولاً عن سلامة الاقتصاد بالمجتمع الإسلامي) من القدرة على التكيُّف والتلاؤم المستمر مع التغييرات الهيكلية للاقتصاد القومي بطريقة عضوية.

كما يُصبِح كلٌّ من المصرف والمستثمرِين المسلمين قادرين على مواجهة الأزمات بصلابة، وعدم التأثر بها، الأمر الذي لا يكفُلُه نظام سعر الفائدة.

7- في المشاركة عدالةٌ في توزيع العائد بما يُسهِم في عدمِ تركيز الثروة، وفي تقليل التفاوت بين الدخول من ناحية، ويحول دون إهدار الطاقات البشرية الإنتاجية من ناحية أخرى.

وقد تُؤدِّي ظروفٌ اجتماعية أو اقتصادية خارجةٌ عن إرادة الفردِ إلى أن تتضاعَف أرباح مشروعٍ بعينه، وينشأ عن ذلك - في حالة الإقراض بفائدة - أن ينتفع مَن لا يستحق بأكثر مما يستحق، أو على العكس من ذلك، قد تؤدي إلى أن تهبط أرباح مشروع بعينه، وينشأ عن ذلك - في حالة الإقراض بفائدة - أن يتحمَّل غير المتسبب غُرْمًا لا يدَ له فيه، ويَحُول إقامة نظام المشاركة دون أيٍّ من الأمرين المتقدمين؛ إذ العدالة في صميمها تشييع للغُنم والغُرم.

8- إن عائد المشاركة أوفر ولا شك من عائدِ سعر الفائدة الثابت؛ الأمر الذي يعود بالنفع على المصرف في قدرتِه على تغطيةِ مصاريفه الإدارية في أقل وقت من ناحية، وعلى المودعين بالمصرف من ناحية أخرى.


[1] المصارف والأعمال المصرفية ص150.
[2] ص 182 البنوك الإسلامية؛ للدكتور عبدالله الطيار.
[3] ص289 بنوك تجارية بدون ربا؛ د. محمد عبدالله الشباني.
[4] من ص 430 إلى ص 433 المصارف والأعمال المصرفية.


رابط الموضوع: http://www.alukah.net/sharia/0/67925/#ixzz4JehxbOv5

حقيقة سندات الاستثمار وأنواعها


تعريف السند لغةً:
كلمة سندات جمع، ومفردها: سَنَد، ولم أجد أنها جمعت في كتب اللغة[1] على سَنَدَات، لكن الذي وجدت أنها جمعت على أَسْنَاد[2].

وكلمة (سَنَد) لها معانٍ لغوية كثيرة، نجد أن بعضها بعيد كل البعد عن المعنى المراد في البحث، فهي تطلق أحيانًا على نوع من اللباس اسمه السَّند بالفتح، وأحيانًا على مكان قريب من الهند، والسِّناد من عيوب الشِّعر[3]، لكن المعنى المراد هنا عبر عنه صاحب اللسان فقال:
وكل شيء أسندت إليه شيئًا فهو مُسند، وقد سَنَد إلى الشيء يسندُ سنودًا، واستَنَد، وتساند وأسنَد، وأسند غيره.

ويقال: ساندته إلى الشيء، فهو يتساند إليه؛ أي: أسندته إليه.

قال أبو زيد:
ساندوه حتى إذا لم يروه
شدَّ أَجْلادهُ على التسنيدِ 

وما يُسْنَدُ إليه يسمى مِسْنَدًا ومُسْنَدًا، وجمعه المسانِدُ... ثم قال: وساندت الرجل مساندة إذا عاضدته وكانفته.

ويقال: فلان سند؛ أي: مُعتمَد.

هذا مجمل ما وجدت في كتب اللغة، والمعنى ظاهر، فكل ما استندت إليه - حسيًّا أو معنويًّا- فهو مستَنَد لي، أرجع وأعتضد به، وأعتمد عليه، وهذا المعنى هو المراد هنا في كلمة (سندات الاستثمار)، فهذه الورقة هي سند لمن أخذها يستند عليها عند مطالبته بحقوقه، والله أعلم.

ثانيًا: معنى كلمة (استثمار) في اللغة:
سبق في التمهيد عند الكلام على حقيقة الاستثمار بيان معنى كلمة (استثمار) من جهة اللغة، وأن مجمل كلام صاحب مقاييس اللغة، وتهذيب اللغة[4] وغيرهما، أن معنى كلمة استثمار يدور حول تنمية الرجل ماله، والقيام عليه، وتكثيره بالطرق والوسائل المختلفة.

تعريف سندات الاستثمار اصطلاحًا:
أ- تعريف سندات الاستثمار اصطلاحًا:
سندات الاستثمار هي نوع من المعاملات المصرفية الحديثة، والتي تقوم بها البنوك الربوية، وتسمِّيها بغير اسمها؛ تضليلاً وتمويهًا على الناس، وهي تسمى عند بعض الدول "بسندات الاستثمار"، وتسمى عند بعضها الآخر "شهادات الاستثمار"، وهو الاسم الأكثر شهرة.

ومن سماها بهذا الاسم جعل في اسمها لفظة: "استثمار"؛ لتكون أكثر قبولاً لدى البسطاء من المسلمين؛ حيث تكون أكثر قربًا من المعاملة الشرعية المقبولة (المضاربة).

وهي في حقيقتها:
وثيقة يعطيها البنك للشخص مقابل مبلغ معين من المال يعطيه الشخص للبنك، على أن يقوم البنك بدفع فوائد مالية معينة بعد فترة زمنية محدَّدة، على حسب نوع هذه الوثيقة أو الشهادة أو السند، حسب اختلاف البنك في التسمية.

ب- الفرق بين الأسهم والسندات:
والفرق بين الأسهم والسندات كما يلي:
البنوك عند تكوينها تحتاج إلى رأس مال، شأنُها في ذلك شأن أيِّ مشروع تجاري، ويتم الحصول على رأس المال بما يبذله صاحبه إذا كان فردًا، أو بطريق الاكتتاب في الأسهم إذا كان شركة مساهمة، فمثلاً: قد يكون رأس مال البنك المراد تكوينه مليون جنيه، فيُصدِر البنك 250,000 سهم، قيمة كل سهم أربعة جنيهات، وعندما يتم الاكتتاب في جميع رأس المال يصبح لدى البنك مليون جنيه يستغلها في أوجه نشاطه المصرفي، هذا بالإضافة إلى استغلال الودائع كما سيأتي - إن شاء الله.

على أنه بعد أن يبدأ البنكُ نشاطَه المصرفي، وتتسع دائرة أعماله، قد يجد أن رأس ماله وما لديه من ودائع، قد أخذ سبيله إلى الاستغلال، وأصبح البنك في أشد الحاجة إلى أموال أخرى؛ لاستغلالها في أعماله، وأوجه نشاطه؛ ولهذا يلجأ إلى طلب المال بإحدى الطرق الآتية:
1- زيادة رأس المال بإصدار أسهم جديدة، إذا كانت حاجته إلى المال دائمة بأن اتسعت دائرة أعماله، واطرد نجاحه، واحتاج إلى أموالٍ كثيرة.

2- الاقتراض بإصدار سندات، إذا كانت حاجته إلى المال وقتية تزول بعد مدة، ويطرح هذه السندات للجمهور بفائدة معينة.

3- الاقتراض من البنك المركزي، أو من غيره من البنوك الوطنية أو الأجنبية، أو من الحكومة، أو من الهيئات المختلفة بفائدة يتفق عليها[5]. انتهى.

ويستفاد من ذلك عدة أمور:
أولاً: الفرْق بشكل عام بين السهم والسند عند من يُصدرها، مما يعين على إعطاء كل منهما حكمَه اللائق به عند البحث في ذلك، على أن الكاتب قد ذكر - من خلال جدول وضعه - عشرةَ فروقٍ إلا أنها يمكن استنباطها أو أكثرها، والمهم منها من تدبر الشرح السابق العام.

ثانيًا: أن البنك لا يصدِر هذه السندات؛ لأجل المشاركة في النهضة الاقتصادية المرجوَّة في العالم الإسلامي؛ وإنما فقط عند حاجته إلى الأموال؛ ليكدِّسَها بطريق، أو آخر، من الطرق الرِّبَوية التي يسلكها، والتي تساعد بدورها على ضعف الاقتصاد؛ لدوران المال بدون أعمال مفيدة داخل العالم الإسلامي.

ثالثًا: أن الطريقة الثانية من طرق طلب البنك للمال، وهي الاقتراض بإصدار سندات، إذا كانت حاجته إلى المال وقتية هي المقصودة هنا في هذا البحث، والتي سيأتي أيضًا عند ذكر أنواعها زيادة شرح وبيان لها، وهي طريقة الاقتراض بإصدار سندات، وذلك مقابل فائدة معينة.

ج- حاجة المصارف الربوية إلى إصدارها:
عندما يحتاج البنك التجاري لرأس مال زائد عما عنده ليقوم بتمويل مشروع معين، أو لأي غرض من الأغراض الاستثمارية المتنوعة، يقوم بإصدار سندات، أو شهادات استثمارية؛ لاستحصال الأموال الخاصة، وجمعها على شكل قروض لها أرباح معينة تعطي صاحب الشهادة كل فترة زمنية محددة، ولهذه السندات، أو الشهادات، أنواع تُذكَر قريبًا.

د- مميزات هذه الشهادة وما تحققه من فوائد:
ومما سبق يُعلَم أن سندات، أو شهادات الاستثمار، لها صبغة ادخارية يستهدف المُودِع فيها استثمار ماله، ويعطي المَصرِفُ للمودِع صكًّا يمَثِّل الحق في المبلغ المُودَعِ لديه، وديعة خاضعة لنظام القروض، وغالبًا ما يكون إصدار هذه الشهادات بطلب من الدولة؛ وذلك لاستخدامها في تنفيذ خطة الدولة الاقتصادية للتنمية.

وتضع القوانين المنظِّمة لهذه الشهادات ميزاتٍ خاصةً بها، ومن أهمها:
1- ارتفاع العائد، وإعفاؤه من الضرائب؛ إذ يكون عائد هذه الشهادات مرتفعًا نسبيًّا عما عداها من أوجه الادخار الأخرى، مع إعفاء الفائدة على هذه الشهادات من جميع الضرائب ورسوم الدفعة.

2- السيولة الكاملة؛ إذ لكي يحصل المدخر على سعر الفائدة المرتفع يجب ألا يسترد قيمة الشهادة قبل انقضاء مدة طويلة منذ اكتتابه بها، غير أنه يمكنه - استثناءً في أي وقت أن يسترد قيمتها - إذا احتاج إلى ذلك - دون أي خسارة في رأس ماله، بل ومع فائدة بسيطة سعرها منخفض.

3- الضمان والأمان؛ إذ يتوفر لهذه الشهادات دائمًا ضمان كامل من جهة الدولة.

4- عدم جواز الحجز عليها.

هـ- أنواع شهادات الاستثمار:
وهذه الشهادات أو السندات ليست على وتيرة واحدة، بل لها أنواع مختلفة حسَب طبيعة الشهادة من جهة وقتها، والفوائد المترتبة عليها، ومن أنواع هذه الشهادات:
1- الشهادة ذات القيمة المتزايدة، بحيث تُضاف الفوائد التي تتحقق لكل ستة أشهر إلى أصل قيمة الشهادة، وذلك إلى أن ينتهي أجل الشهادة بعد عشر سنوات، أو إلى أن يقرر صاحبها استردادها قبل ذلك.

2- شهادات استثمار ذات عائد جارٍ، يقوم المدخر بالحصول على الفوائد المستحقة عليها أولاً بأوَّل كل ستة أشهر.

3- شهادات استثمار ذات جوائز، وهذه الشهادات لخدمة المدخرين الصغار الذين قد لا يجدون أي إغراء في سعر الفائدة؛ بسبب ضآلة مدخراتهم، وقيمة الشهادة ذاتها: جنيه مثلاً. انتهى.

وبهذا القدر يكون قد اتضح معنى شهادات أو سندات الاستثمار الاصطلاحية، وأصبحت حقيقتها واضحة إن شاء الله.

وعُرِف أيضًا من خلال ما سبق من الإيضاح أن الجهة المصدِّرة لهذه السندات هي البنوك والمصارف، أحيانًا من ذاتها، وأحيانًا من جهة إيعاز الحكومة لخدمة التنمية الاقتصادية للدولة.

وعُلِم أيضًا أن الهدف من إصدارها من جهة المودَعِ عنده هو استثمار هذه الأموال إذا تجمعت عنده في أعماله المصرفية والاستثمارية المختلفة، أما من جهة المودِعِ، وهو صاحب السند، فالهدف عنده هو الربح المقصود من فوائد هذه السندات.

وقد شمل الكلام في المطلب الثاني الكلام حول ميزات، وأنواع سندات الاستثمار؛ وذلك لأني رأيت أنَّ جَعْلَهُ من حقيقة الاستثمار الاصطلاحية أقرَبُ إلى بيان المقصود من هذه السندات، لا سيما وأن الأنواع والميزات داخلةٌ في ضمن التعريف الاصطلاحي لهذه السندات، ومُكمِّلة لمقصوده.

التكييف الفقهي لسندات الاستثمار:
لما كانت سندات الاستثمار عبارة عن وثيقة يعطيها البنك للشخص مقابل مبلغ معين من المال يعطيه الشخص للبنك، على أن يقوم البنك بدفع فوائد مالية معينة بعد فترة زمنية محددة على حسَب نوع هذه الوثيقة، أو الشهادة، أو السند، حسَب اختلاف البنوك في التسمية؛ فقد قالوا في تكييفها الفقهي: إنها إما أن تكون قرضًا مشروطًا بفائدة محددة عند العقد، أو قرضًا اشْتُرط فيه الضمان والربح المحدد، أو تكون مضاربة، وذهب بعضهم في تكييفها الفقهي أنها معاملة لم توجد في عهد التشريع، فتأخذ حكم المسكوت عنه.

وقيل أيضًا في تكييفها الفقهي:
إنها فوائد تؤخذ في الحقيقة من البنوك الخارجية، ويجوز التعامل بالربا مع الحربي عند الأحناف.

هذه تكييفات صدرت عن بعض العلماء أو المراكز العلمية أُسَجِّلها، ثم أبيِّنُ موقف الفقه الإسلامي فيها، عند بيان حكمها فيما هو قادم إن شاء الله.


[1] تهذيب اللغة للأزهري 12/363-366، لسان العرب 3/220، القاموس المحيط ص 370، مختار الصحاح ص316.
[2] لسان العرب 3/220.
[3] تهذيب اللغة 12/363.
[4] الأول لابن فارس 1/388، والثاني للأزهري 15/38.
[5] الأعمال المصرفية والإسلام ص170.


رابط الموضوع: http://www.alukah.net/sharia/0/67238/#ixzz4Jehdq9iJ

سندات الاستثمار ( حقيقته - مشروعيته - ضوابطه ) في الفقه الإسلامي



الحمد لله، وبعد:
فقد جعلتُ هذا التمهيد بين يدي البحث؛ ليكون بعون الله بيانًا لحقيقة الاستثمار ومشروعيته.

حقيقة الاستثمار
لكي يتم تصوُّر حقيقة الاستثمار على الوجه المطلوب؛ لا بد من بيانِ معنى لفظة (الاستثمار) من جهة اللغة.

وعندما نبحث في المعاجم، نجد أصل كلمة استثمار من جهة التركيب اللغوي هو (ثمر) على تفصيل فيها كما يلي:
• قال الأزهري[1] في تهذيب اللغة[2]: الثَّمر: حمل الشجرة... والثَّمر: أنواع المال... ثم قال: أثمر الرجل: كثُر مالُه، ونقل عن مجاهدٍ أنه قال: ما كان في القرآن من (ثُمُرٍ) فهو المال، وما كان من (ثَمَر) فهو الثِّمار، ويقال ثَمَّر الله مالَك.

• وقال في القاموس المحيط[3]: ثمَّر الرجلُ مالَه: نمَّاه وكثَّره، وأثمر: كثُر مالُه.

• قال ابن فارس[4] في معجم مقاييس اللغة[5]:
(ثمر): الثاء والميم والراء، أصل واحد، وهو شيء يتولَّد عن شيء متجمعًا، ثم يحمل عليه غيره استعارةً... ثم قال: وثمر الرجلُ مالَه: أحسَن القيام عليه، ويقال في الدعاء: (ثَمَّر الله مالَه)؛ أي: نَمَّاه.
ويتلخَّص من مجمل كلامهم السابق أن لفظ الاستثمار أحدُ معانيه يدورُ حول تنمية الرجل ماله والقيام عليه وتكثيره، هذا هو المعنى اللغوي لكلمة الاستثمار.

المعنى الاصطلاحي الشرعي لكلمة (استثمار):
أما من جهة معناه في الاصطلاح الفقهي الإسلامي، فهو كذلك لا يخرج عن أن يكون تنميةَ المال وتكثيرَه، والقيام عليه بأوجه مختلفة وأساليب متنوعة من أنواع التجارة المختلفة، كما في عقود المعاملات والشركات ونحوها.

ونجد أيضًا أن المعنى اللُّغوي السابق هو المعنى الاصطلاحي المعاصر لهذه الكلمة؛ أي: إن المرادَ من كلمةِ (استثمار) عند أهل التجارة والمصارف والبنوك التجارية الإسلامية أو الربوية المعاصرة، هو نفسُ المعنى المراد من هذه الكلمة في اللغة؛ أي: تكثيرُ المالِ وتنميتُه والمحافظة عليه.

وهو المراد أيضًا في البنوك الإسلامية، وهو أمرٌ واضح[6].

ومن ثَمَّ يمكن تعريفُ الاستثمار بما يأتي:
• العقود التي شرعها الله -تعالى- وسيلةً وسببًا لتنمية المال وتكثيره؛ من عقود معاملات مالية وشركات ونحوها.

وبهذا نكون قد انتهينا من بيان معنى وحقيقة الاستثمار، وننتقل بعد ذلك إلى مشروعية الاستثمار ثم ضوابطه بحول الله وقوته.

مشروعية الاستثمار:
لا شك أن الإسلام يحثُّ على استثمار وتنمية المسلم لمالِه على حسب الضوابط الشرعية التي ستأتي في الفقرة الثالثة من هذا التمهيد.

ويدل على ذلك نصوصٌ من القرآن الكريم والسنة النبوية، تدل دلالة قاطعة على مشروعية الاستثمار في الإسلام، وذلك على النحو التالي:
أولاً: نصوص الكتاب:
من النصوص الدالة على الحث على التجارة وطرق الكسب المختلفة:
1- قوله -تعالى-: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ﴾ [النساء: 29]، فهذه الآية تدل على تحريم أكلِ الأموال بالباطل، ثم بيَّنت الطريقَ المشروع لكسب الأموال، وهو التجارة التي عن تراضٍ، ففيها حثٌّ للمؤمنين أن يسلكوا ما أحل الله من طرق الكسب من التجارة المباحة.

2- وقوله -تعالى-: ﴿ فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [الجمعة: 10]، ففي هذه الآية الحثُّ الصريح على الانطلاق في الأرض، وابتغاء الفضل والربح بالطرق المختلفة للتكسب والاستثمار.

3- ومن النصوص الدالَّة على الزراعة والحث عليها قوله -تعالى-: ﴿ وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ﴾ [الرعد: 4]؛ لأن في امتنان الله - سبحانه وتعالى - على خلقه بخلقِ ووجود هذه القِطَع التي تُزرَع - حثًّا لهم على عمارة هذه الأرض والانتفاع بها بالزراعة.

4- كذلك قوله -تعالى-: ﴿ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لَكُمْ مِنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ ﴾ [النحل: 10]؛ أي: ترعَوْن دوابَّكم، فذكر هنا الشجر وما يرعاه من الأنعام، ففيها امتنانُ الله بإنبات الشجر، وكذلك برعي الدوابِّ.

5- ومن نصوص الصيد قولُه -تعالى- بعد تحريم الصيد للمُحرِم: ﴿ وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا ﴾ [المائدة: 2].

6- كذلك قوله - سبحانه -: ﴿ يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ ﴾ [المائدة: 4].

يذكر الله -تعالى- في هذه الآية جوابًا لسؤالِهم عن الحلال أنه أحلَّ الطيِّبات من المآكل، وكذلك أحل الصيد، ففيها تنبيهُ المؤمنين وحثُّهم على كسب الرزق من هذا الطريق الحلال بنص الكتاب.

ثانيًا: نصوص السنة:
1- عن عبدالله بن عمر - رضي الله عنهما - قال: سُئِل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن أطيب الكسب، فقال: ((عملُ الرجل بيدِه، وكل بيع مبرور))[7].

2- وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ((خيرُ الكسب كسبُ يدِ العامل إذا نصح))[8].

3- عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - أن رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((التاجرُ الأمين الصَّدوق مع النبيِّين والصدِّيقين والشهداء))[9].

4- عن هشام بن عروة عن أبيه عن جدِّه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لأن يأخُذ أحدُكم أحبُلَه فيأتي الجبلَ، فيجيء بحُزمةِ حطبٍ على ظهره، فيبيعها ويستغني بثمنها - خيرٌ له من أن يسألَ النَّاسَ أعطَوْه أو منعُوه))[10].

ثالثًا: حكمة مشروعية الاستثمار والآثار الدالة على فضل الاستثمار:
ولعل الحكمةَ من حثِّ الإسلام على الاكتساب والاستثمار للمال أن المال هو عصبُ الحياة وقوامُ الدين، كما جاء ذلك مصرحًا به عن السلف، فمن ذلك أنه روي عن ابن المسيب[11] أنه ترك دنانير، فقال: "اللهم، إنك تعلم أني لم أجمَعْها إلا لأصونَ بها ديني وحسبي، لا خير فيمَن لا يجمع المال فيقضي دينه ويكف به وجهه"[12].

ومن جهة أخرى، في الكسب إعانةٌ على القُرَب والطاعات؛ لأن كثيرًا من الطاعات تحتاجُ قبل الشروع فيها إلى إعدادٍ يُعْوِزُه المال في كثير من الأحوال.

لأجل ذلك وغيرِه من الفوائد؛ حثَّ الإسلام بوضوحٍ من خلال نصوصه وكلام العلماء الشارحين لنصوصِه على الاكتسابِ وتنمية المال.

قال محمد بن الحسن الشيباني[13]: "طلب الكسب فريضةٌ على كل مسلم، كما أن طلب العلم فريضة"، وهذا اللفظ يرويه ابن مسعود - رضي الله عنه - عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((طلب الكسب فريضة على كل مسلم))[14].

وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((طلب الحلال كمقارعةِ الأبطال، ومَن بات كالاًّ من طلب الرزق الحلال، بات مغفورًا له))[15].

وقد كان عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يُقدِّم درجة الكسب على درجة الجهاد، فيقول: "لأن أموت بين شعبتي رَحْلي أضرِبُ في الأرض أبتغي من فضل الله - أحبُّ إليَّ من أن أُقتَل مجاهدًا في سبيل الله؛ لأن الله -تعالى- قدَّم الذين يضربون في الأرض يبتغون من فضله على المجاهدين بقوله: ﴿ وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ ﴾ [المزمل: 20][16].

وقال ابن حبان[17] - رحمه الله - في روضة العقلاء على حديث: ((نِعْمَ المالُ الصالح للرجل الصالح))[18]، قال: "هذا الخبرُ يُصرِّح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- بإباحة جمع المالِ من حيث يجب ويحلُّ للقائم فيه بحقوقه؛ لأن في تقرينه الصلاح بالمال والرجل معًا بيانًا واضحًا لأنه إنما أباح في جمعِ المال الذي لا يكون بمحرَّم على جامعه، ثم يكون الجامع له قائمًا بحقوق الله فيه"[19].

وروي عن قتادة بن دِعامة[20] أنه قال في هذه الآية: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ ﴾ [النساء: 29]، قال: التجارة رزقٌ من رزق الله، حلالٌ من حلال الله، لمن طلَبها بصدقها وبرِّها.

وروي عن مجاهد[21] أنه قال في هذه الآية: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ ﴾ [البقرة: 267]، قال: من التجارة[22].

والخلاصة:
أنه لا ريبَ في مشروعية تنمية واستثمار الأموال في الإسلام، وأن النصوص القرآنية والنبوية تدلُّ على ذلك بوضوحٍ، وأن علماء الإسلام كتبوا في ذلك الكثيرَ، لكن الشأن في ذلك كله أن يكون هذا الاكتسابُ والاستثمار على وَفْق منهج وشريعة الله دون ميلٍ ولا انحراف عن تعاليم الشريعة، وما وضعته النصوص الشرعية من ضوابط يسيرُ على حسبها المسلم في جميع طرق كسبه، وهذا ما سنتكلَّم عنه في الفقرة الثالثة من التمهيد.

ضوابط الاستثمار في الفقه الإسلامي:
ليس من السهل أبدًا حصرُ أو استيفاءُ هذا الموضوع الواسع جدًّا في مثل هذا التمهيد؛ لأن ضوابطَ الاستثمار تشملُ كلَّ الأحكام المتعلقة بمختلف طرق الكسب والاستثمار؛ من بيع، أو إجارة، أو زراعة، ونحوها، وهذا موضوع ضخم بحد ذاته، لكن المقصود هنا إعطاءُ فكرةٍ مختصرة عن عناية الإسلام بضبط طرق كسب المسلم المختلفة، ومنع ما قد يحدُثُ فيها من الظلم والتعدي، مع ذكر الخطوط العريضة من أحكام هذا الموضوع.

وقد قسَّم الفقه الإسلامي جميعَ طرق الاستثمار والكسب إلى قسمين رئيسيين، هما:
1- طرق استثمار جائزة ومباحة.
2- طرق استثمار محرَّمة وممنوعة.

قال الحارث المحاسبي[23]: "فمَن كانت حركاته في طلب الرزق على ما وصفنا من إقامة الحق، والوقوف على تجاوز الحدود، وتصحيح الورع في المتجر، وفي الصناعات وفي كل المضطرب فيه، كان لله - عز وجل - بذلك مطيعًا، محمودًا عند أهل العلم، ومَن خالف شيئًا مما وصَفْنا فتعدَّى في الحركة وتخلَّف فيما يجب عليه من الصِّدق، كان بذلك مذمومًا، قد نقص بذلك توكُّله، ولم يؤدِّ فرضَه، ولم يقع عليه الاسم الذي يقع بإقامة الحق على غيره"[24].

والكسب له وسائل وطرق، بعضها مشروع وبعضها منهي عنه كما سبق، وسأذكر أولاً الطرق المشروعة ثم المنهي عنها.

أولاً: الطرق والوسائل المشروعة للاستثمار[25]:
طرق ووسائل الاستثمار مبحثٌ واسع في الحقيقة، وهناك طرقٌ مشروعة متعدِّدة للاستثمار في الفقه الإسلامي، لكن يمكنُ إجمال أهم تلك الطرق فيما يلي:
أولاً: البيوع:
فالبيع يعتبر عقدًا من عقود الاستثمار وتنمية المال، بل هو أوسع طرق الاستثمار نطاقًا.

تعريف البيع لغةً:
البيع مصدر بِعْتُ، يقال: باع يبيع بمعنى ملك، وبمعنى اشترى، وكذلك شرى يكون للمعنيين.

وحكى الزَّجَّاج وغيره: باع وأباع بمعنى واحد.

وقال غير واحد: اشتقاقه من الباع؛ لأن كل واحد من المتعاقدين يمدُّ باعه للأخذ والإعطاء، ولكن هذا ضعيف؛ لوجهين:
أحدهما: أنه مصدر، والصحيح أن المصادر غير مشتقة.
الثاني: أن الباع عينه واو، والبيع عينه ياء، وشرط صحة الاشتقاق موافقة الأصل والفرع في جميع الأصول[26].

والشيء مَبِيع ومَبْيُوع مثل مَخِيط ومَخْيُوط على النقص والإتمام، قال الخليل: الذي حُذِف من مبيع واوُ مفعول؛ لأنها زائدة، وهي أولى بالحذف.

والبياعة: السلعة، والابتياع: الاشتراء.

وتقول: بِيع الشيء - على ما لم يسمَّ فاعله - إن شئت كسرت الباء، وإن شئت ضممتها، ومنهم من يقلب الياء واوًا، فيقول: بوع الشيء[27].

تعريفه شرعًا:
• عرَّف الحنفية البيع بأنه: مبادلة مال بمال على وجه مخصوص.
أو يقال: إنه مبادلة شيء مرغوب فيه بمثله على وجه مفيد مخصوص[28].

• أما المالكية، فقد قالوا في تعريفه: عقد معاوضة على غير منافع ولا متعة لذة؛ وذلك للاحتراز عن مثل الإيجار والنكاح[29].

• وعرَّفه الشافعية أنه: مقابلة مال بمال تمليكًا[30].

وذكر القليوبي تعريفًا، قال عنه: إنه أولى، ونصه: عقد معاوضة مالية تفيد ملك عين أو منفعة على التأبيد، لا على وجه القربة[31].

• وقال الحنابلة: إن البيع مبادلة مال ولو في الذمة، أو منفعة مباحة (كممر الدار) بمثل أحدِهما على التأبيد غير ربًا وقرض.
وقيل: هو مبادلة مال بمال تمليكًا وتملُّكًا[32].

مشروعية البيع:
البيع من العقود الجائزة، دل على ذلك القرآن والسنة والإجماع:
1- فمن القرآن قوله -تعالى-: ﴿ وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا ﴾ [البقرة: 275]، وقوله -تعالى-: ﴿ وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ ﴾ [البقرة: 282].

2- ومن السنة ما يلي:
أ- عن عثمان بن عفان - رضي الله عنه - أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((أدخل الله - عز وجل - رجلاً كان سهلاً مشتريًا وبائعًا، وقاضيًا ومقتضيًا - الجنةَ))[33].

ب- عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((التاجر الأمين الصدوق مع النبيين والصديقين والشهداء))[34].

ج- عن حكيم بن حزامٍ - رضي الله عنه - أن رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((البيِّعانِ بالخيار ما لم يتفرَّقا))[35].
والأحاديث الدالَّةُ على مشروعية البيعِ كثيرةٌ جدًّا مبثوثة في دواوين السنة.

وأجمع المسلمون على مشروعيته، لم يخالف في ذلك أحد؛ لدلالة القرآن والسنة الصريحة عليها، وممن حكى الإجماعَ الحافظُ ابن حجر في الفتح[36].

الحكمة من مشروعية البيع:
الحكمة منه أن أغراضَ الناس واحتياجاتِهم تتنوَّع وتختلف، فيكون عند واحدٍ منهم ما يحتاجه الآخر، وليس من سبيل إلى بذله له إلا عن طريق بذل عِوَضه، وبهذا يحصُلُ التكامل بين المجتمع.

قال الحافظ ابن حجر - رحمه الله - عن البيع:
والحكمة تقتضيه؛ لأن حاجة الإنسان تتعلَّق بما في يدي صاحبه غالبًا، فصاحبه قد لا يبذُلُه له، ففي تشريع البيع وسيلةٌ إلى بلوغ الغرض من غير حرج[37].

ثانيًا: الصرف:
الصرف يعتبر طريقةً من طرق الاستثمار، لكن له تعريفه الخاص به في الفقه الإسلامي الذي يعطي تصوُّرًا دقيقًا له.

تعريف الصرف لغةً:
قال في اللسان: "والصرف: فضلُ الدرهم على الدرهم، والدينار على الدينار؛ لأن كلَّ واحد منهما يصرف عن قيمة صاحبه.

والصرف بيع الذهب بالفضة، وهو من ذلك؛ لأنه ينصرف به عن جوهر إلى جوهر.

والتصرف في جميع البياعات: إنفاق الدراهم.

والصرَّاف، والصَّيرف، والصَّيرفِي: النقَّاد، من المصارفة، وهو من التصرُّف، والجمع صيارف وصيارفة، والهاء للنسبة.

ويقال: صرفتُ الدراهم بالدنانير، وبين الدرهمين صرف؛ أي: فضل؛ لجودةِ فِضَّة أحدهما"[38].

تعريف الصرف شرعًا:
• عرَّفه الأحناف بأنه: بيع النقد بالنقد جنسًا بجنس، أو بغير جنس؛ كبيع الذهب بالذهب أو الفضة مصوغًا أو نقدًا[39].

• وأما المالكية، فقالوا: إنه بيع النقد بنقد مغاير لنوعِه، كبيع الذهب بالفضة، أما بيع النقد بنقد مثله؛ كذهب بذهب، فليس بصرف عندهم[40].

• والصرف عند الحنابلة هو: بيع الأثمان بعضها ببعض، هكذا عرَّفه في المغني[41].

مشروعية الصرف:
الصرف عقدٌ من العقود الجائزة في الفقه الإسلامي، ويدل على ذلك النصوصُ السابقة الدالَّةُ على مشروعية البيع؛ لأن الصرف ما هو إلا نوع من أنواع البيع.

ويدل عليه أيضًا حديثُ عُبادةَ بنِ الصَّامتِ - رضي الله عنه - المشهورُ أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال: ((الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبُرُّ بالبُرِّ، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح، مِثلاً بمثل، سواءً بسواء، يدًا بيد، فإذا اختلفت هذه الأصناف، فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدًا بيد))[42].

شروط الصرف إجمالاً:
للصرف شروط لا يصح عقدُه إلا بها؛ وهي كما يلي:
الشرط الأول: التقابض في مجلس العقد؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم- في حديث عُبادة السابق: ((سواءً بسواء، يدًا بيد))، وهذا الشرط محلُّ اتفاق بين العلماء، نقل الاتفاق عليه ابن قدامة وابن المنذر[43].

الشرط الثاني: أن يكون النقدانِ متماثِلينِ، يدلُّ عليه قول الرسول -صلى الله عليه وسلم- في الحديث السابق: ((سواءً بسواء))، مما يدل على اشتراط تساوي النقدين لصحة الصرف.

الشرط الثالث: ألا يكون في هذا الصرف خيارُ شرطٍ؛ وذلك لأن التقابض شرط كما سبق، وهذا الخيار يؤدي إلى الإخلال بهذا الشرط.

الشرط الرابع: عدم وجود الأَجَل؛ لأن الأجل يُؤخِّر القبض، وهو شرط الصرف الأساسي، فلمَّا كان الأجل يخل به، اشترط عدمه لصحة عقد الصرف.

• هذه شروط الصرف إجمالاً، أشرت إليها لكي تتضح صورة عقد الصرف كوسيلة من وسائل الاستثمار.

الحكمة من مشروعية الصرف:
يمكن أن نقول: إن الحكمة من مشروعية الصرف هي حكمة مشروعية البيع؛ لأن الصرف كما سبق ما هو إلا نوع من أنواع البيوع، إذًا فالحكمة من مشروعية الصرف هي حاجةُ كلِّ إنسان إلى شيء مما في يدي صاحبه، مما قد لا يبذله له إلا بمقابل، فإذا كان العقد بين ثمنين، فهو الصرف.

ثالثًا: المقايضة:
يمكن الإشارة إلى عقد المقايضةِ كوسيلةٍ من وسائل الاستثمار المتاحة، وعقدُ المقايضةِ هو بيع العين بالعين؛ أي: مبادلة مال بمال غير نقدي، ويمكن أن نستنتج شروط المقايضة من هذا التعريف على النحو التالي:
1- يشترط ألا يكون المالانِ نقدًا، وإلا كان العقد صرفًا، وإن كان أحدهما نقدًا، فهو البيع المشهور.

2- أن يكون كلٌّ من المالينِ عينًا؛ كفرس معين بفرس معين، وإن لم يكن معين كلاهما أو أحدهما، فهو من البيع المشهور، وليس من المقايضة[44].

رابعًا: السَّلَم:
تعريف السَّلَم لغة:
قال الأزهري: السَّلَم والسَّلَف واحد، يقال: سلَّم وأسلم، وسلَّف وأسلف، بمعنى واحد، هذا قول جميع أهل اللغة[45].

تعريف السلم شرعًا:
• عرَّفه الأحناف بقولهم: السَّلَم: أن يسلم عِوضًا حاضرًا في عِوض موصوف في الذمة إلى أَجَل[46].

• أما المالكية، فالسَّلم عندهم: بيعٌ تقدَّم فيه رأس المال، ويتأخَّر المثمن لأَجَل[47].

• وعرفه الشافعية والحنابلة بتعريف متقارب؛ حيث قالوا: إنه عقد على موصوف في الذمة مؤجَّل بثمن مقبوض في مجلس العقد[48].

مشروعية عقد السلم:
دلَّ على جوازه الدليل الواضح من السنة، وكذلك إجماع أهل العلم.
أ- دليل السنة:
روى ابنُ عبَّاس - رضي الله عنهما - أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قدِم المدينةَ وهم يُسلِفون في الثِّمار السنة والسنتين والثلاث، فقال: ((مَن أسلف في شيء، فليُسْلِف في كيلٍ معلوم إلى أَجَل معلوم))[49].

ب- الإجماع:
قال ابن المنذر: أجمع كل مَن نحفظ عنه العلم أن السَّلم جائز[50].

الحكمة من مشروعيته:
هي الحكمة من البيع، ويضاف إلى ذلك أن أرباب الزروع والثِّمار ومختلف التجارات يحتاجون إلى النفقة على أنفسهم، وعلى زروعهم أو تجاراتهم أثناء القيام بها حتى تكمل وتثمر، فجُوِّز لهم السَّلَم حتى يدفعوا حاجتهم، ويستفيد صاحب المال من السلعة بعد زمنٍ مؤجل معلوم.

خامسًا: الإجارة:
تعريفها لغة:
الإِجارة: بكسر الهمزة: مصدر أَجَره يَأجِره أجرًا وإجارةً، فهو مأجور.

وحكي عن الأخفش: آجَرَه بالمد فهو مؤجر.

فأما اسم الإجارة نفسها، فإجارة بكسر الهمزة وضمها وفتحها، حكى الثلاثة ابن سِيدَه في المحكم[51].

وفي المغني: واشتقاق الإجارة من الأجر، وهو العِوض، ومنه سمي الثواب أجرًا[52].

تعريف الإجارة شرعًا:
• عرَّفها: الأحناف أنها: عقدٌ على المنافع بعِوض[53].
• وقال المالكية: إن الإجارة تمليكُ منافعِ شيءٍ مباحةٍ مدَّةً معلومة بعِوض[54].
• وعرَّفها الشافعية أنها: عقدٌ على منفعة مقصودةٍ معلومة مباحة، قابلة للبذل، والإباحة بعِوض معلومة.
• وعرَّفها الحنابلة أنها: بيع المنافع، أو هي عقدٌ على المنافع[55].

مشروعية عقد الإجارة:
اتَّفق الفقهاء - ما عدا نفرًا يسيرًا منهم - على مشروعية الإجارة، واستدل الجمهور على ما ذهبوا إليه بالقرآن والسنة والإجماع:
1- فمن القرآن قولُه -تعالى-: ﴿ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ ﴾ [الطلاق: 6]، فهذا إجارة على الرضاعة.

2- ومن السنة:
أ- روى سعيد بن المسيب عن سعدٍ - رضي الله عنه - قال: "كنا نُكرِي الأرض بما على السواقي من الزرع، فنهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك، وأمرنا أن نُكرِيَها بذهب أو وَرِق"[56].

ب- وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((كنت أرعاها (أي: الغنم) على قراريطَ لأهل مكة))[57].

جـ - وعن ابن عباس - رضي الله عنه - قال: "احتجم النبي -صلى الله عليه وسلم- وأعطى الحجَّام أجرَه"[58].

الإجماع:
فقد أجمعتِ الأمةُ في زمن الصحابة على جوازِ الإجارة، وذلك قبل وجود المخالف ممن بعدهم؛ وذلك لأن حاجة الناس للمنافعِ كحاجتهم إلى الأعيان المحسوسة[59].

واستدل المانعون للإجارة بأن عقدَ الإجارة على المنافع، وهي معدومة حال العقد، ولا يجوز العقد على معدوم، وهذا دليل ضعيف؛ لأمرين:
الأول: أنه في مقابلة النص، والقياس إذا قابل النص، بطَل وانتفت دلالته.

الثاني: أن هذه المنافع تُستَوفَى شيئًا فشيئًا، فالشارع الحكيم لحظ ما يستوفى في الغالب؛ تيسيرًا على الناس.

الحكمة من مشروعية عقد الإجارة:
شُرِعت الإجارةُ لرفع الحرج والمشقَّة عن الناس؛ إذ قد لا يتمكَّن الإنسان من شراء ما يريد الانتفاع به لعدم توفر الثمن لديه، ولا تأتي العين عن طريق الهبة والعارية، فيحتاج إلى استئجارِها مدَّة معلومة، فمراعاةً لهذه الحاجة شُرِعت الإجارة[60].

سادسًا: الشركات:
تعريف الشركة في اللغة: معناها في اللغة: الاختلاط[61].

تعريف الشركة في الاصطلاح:
• الشركة عند الحنفية هي عقدٌ بين المتشاركين في رأس والمال والربح[62].
• وعند المالكية: الشركة إذنٌ في التصرف لهما مع أنفسهما؛ أي: إذن كل واحد من الشريكين لصاحبه[63].
• وقال الشافعية: إن الشركة ثبوتُ الحق في شيء لاثنين فأكثر على جهة الشيوع[64].
• وعرَّف الحنابلة الشركة بأنها: الاجتماع في الاستحقاق أو التصرف[65].

مشروعية الشركة:
الأصل في مشروعيتها الكتاب والسنة والإجماع:
1- فمن الكتاب قوله -تعالى-: ﴿ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ ﴾ [ص: 24].

2- ومن السنة ما روي عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إن الله -تعالى- يقول: أنا ثالث الشريكينِ ما لم يَخُنْ أحدُهما صاحبه، فإن خان أحدهما صاحبه، خرجت من بينهما))[66].

3- وأجمع المسلمون على صحة الشركة من جهة أصل مشروعيتها، وإن اختلفوا في بعض صورها وفروعها[67].

الحكمة من مشروعية الشركة:
تظهر حكمةُ التشريع في الشركات من جهة التوسعة على الناس في أعمالهم ومكاسبهم؛ إذ قد يملِكُ بعضُهم الخبرة وطول التجرِبة دون المال، ويملِكُ الآخر العكس، فيحصُلُ من اشتراكهم مصلحةٌ لهما وللمسلمين، وهذه الحكمة شاملة لكل أنواع الشركات؛ لأنه في كل واحد من أنواع الشركات يحصل التعاون واجتماع الكفاءات والأموال[68].

[1] هو أبو منصور محمد بن أحمد بن طلحة الأزهري الهَرَوي الشافعي، وُلِد في هَرَاة سنة 282، اشتغل بالفقه على المذهب الشافعي، وأخذ اللغة عن مشايخ بلده، تُوفِّي أبو منصور سنة 370 هـ.
[2] ط دار الكتاب العربي 15/83.
[3] ط مؤسسة الرسالة ص459، وصاحب القاموس هو الإمام اللغوي الشهير مجد الدين محمد بن يعقوب بن محمد بن إبراهيم بن عمر الشِّيرازي الفيروزابادي، وُلِد بفارس سنة 729، وحفِظ القرآن وهو ابن سبع سنين، ثم قرأ اللغة والأدب حتى فاق أقرانه، تُوفِّي في زبيد سنة 817.
[4] هو أبو الحسين أحمد بن فارس بن زكريا الرازي، استقر به المقام في مدينة همذان، فكان من أعيان العلم وأفذاذ الدهر، وقد اختلف في تاريخ وفاته على أقوالٍ، أصحها أن وفاته كانت سنة 395 هـ.
[5] ط/ دار الفكر، ت عبدالسلام محمد هارون 1/388.
[6] بنوك تجارية بدون ربا ص56 ط/ دار عالم الكتب، البنوك الإسلامية بين النظرية والتطبيق ط/ نادي القصيم الأدبي ص 167.
[7] أخرجه أحمد 4/141، والحاكم 2/10، والطبراني في الكبير 4/276، والبزار 1257، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.
[8] أحمد في المسند 2/334، البيهقي في شعب الإيمان 1/107، قال العراقي في إتحاف المتقين 5/415: سنده حسن.
[9] أخرجه الترمذي رقم 1209، وإسناده ضعيف.
[10] أخرجه البخاري؛ كتاب البيوع، باب كسب الرجل وعمله بيده، 4/355 فتح.
[11] هو سعيد بن المسيب بن حزن بن أبي وهب بن عمرو بن عائذ المخزومي، الإمام العلم عالم أهل المدينة، وسيد التابعين في زمانه، ولد لسنتين مضتا من خلافة عمر، روى عن جماعة من الصحابة - رضي الله عنهم - ومناقبه جمة، وروى عنه خلقٌ من الناس، وتوفي - رحمه الله - سنة 93.
[12] رواه الخلال في كتاب الحث على التجارة والصناعة والعمل ص82، ورواه أبو نعيم في الحلية 2/173.
[13] هو محمد بن الحسن بن فرقد الشيباني، ولد بواسط سنة 132، قال ابن سعد: أصله من الجزيرة، قدم أبوه واسط فوُلِد بها محمدٌ، ثم نزل الكوفة ونشأ بها، وتفقه وطلب الحديث حتى أصبح إمامًا لا يبلغ شأوه في الفقه قويًّا في التفسير والحديث، قال الذهبي: انتهت إليه رئاسة الفقه بالعراق بعد أبي يوسف وتفقه به أئمة؛ سير النبلاء 9/134، شذرات الذهب 1/321.
[14] ابن عدي في الكامل 6/2267، كنز العمال 4/5 و 9.
[15] البيهقي في الشعب 1/107، وهو ضعيف.
[16] الاكتساب في الرزق المستطاب ص17.
[17] أبو حاتم محمد بن حبان بن أحمد بن حبان بن معاذ التميمي البستي، صاحب الكتب المشهورة، وُلِد سنة بضع وسبعين ومائتين، كان على قضاء سمرقند زمانًا، وكان من فقهاء الدين وحفَّاظ الآثار، ومن تصانيفه تاريخ الثقات - الضعفاء - الأنواع والتقاسيم؛ مترجم في سير النبلاء 16/92 - طبقات السبكي 3/131.
[18] أخرجه أحمد 4/202، ابن أبي شيبة في المصنف 7/17، البخاري في الأدب المفرد رقم 299، وهو صحيح.
[19] روضة العقلاء ص224.
[20] قتادة بن دِعامة بن قتادة بن عزيز، حافظ العصر قدوة المفسرين، ولد سنة 60، كان من أوعية العلم ممن يضرب بحفظه المثل؛ مترجم في طبقات ابن سعد 7/229، البداية 9/313، سير النبلاء 5/269.
[21] هو مجاهد بن جبر شيخ القراء والمفسِّرين، مولى السائب بن أبي السائب، روى عن ابن عباس وعنه أخذ التفسير والفقه، قال سفيان الثوري: خذوا التفسير من أربعة: مجاهد - سعيد بن جبير - عكرمة - الضحاك، مات سنة 102؛ مترجم في سير النبلاء 4/449، طبقات ابن سعد 5/466.
[22] الحث على التجارة؛ للخلال ص 105- 107.
[23] أبو عبدالله الحارث بن أسد البغدادي المحاسبي الزاهد العارف، من كلامه: جوهر الإنسان الفضل، وجوهر العقل التوفيق، مات سنة 243؛ ترجمته في حلية الأولياء 10/73 - طبقات الشافعية 2/275.
[24] المكاسب ص 51.
[25] التملك في الإسلام؛ حمد الجنيدل ص24-25.
[26] المطلع؛ للبعلي ص227.
[27] لسان العرب 8/23، بتصرف.
[28] حاشية ابن عابدين 4/3، فتح القدير 5/73، البدائع 5/133.
[29] الحطاب 4/255.
[30] مغني المحتاج 2/2.
[31] القليوبي 2/152.
[32] المغني 3/559، كشاف القناع 3/146.
[33] أخرجه النسائي 7/18، وفي إسناده انقطاع.
[34] أخرج الترمذي برقم 1209، وابن ماجه برقم 2139، وهو ضعيف.
[35] أخرجه البخاري 5/214، ومسلم برقم 1532.
[36] فتح الباري 4/336.
[37] فتح الباري 4/336.
[38] لسان العرب 9/190.
[39] بدائع الصنائع 5/215، حاشية ابن عابدين 4/334.
[40] الدسوقي 3/2.
[41] المغني 4/59.
[42] أخرجه مسلم 3/1211.
[43] المغني 4/95.
[44] الأحكام العدلية م 122 1/99.
[45] المطلع؛ للبعلي ص 245.
[46] المبسوط 12/124، حاشية ابن عابدين 4/212.
[47] الشرح الكبير 3/195.
[48] مغني المحتاج 2/102، كشاف القناع 3/276.
[49] البخاري 4/355، مسلم رقم 1604.
[50] الإجماع؛ لابن المنذر.
[51] المطلع للبعلي ص264.
[52] المغني 5/397.
[53] البدائع 4/174، ابن عابدين 5/1.
[54] الشرح الكبير 4/2، الفروق للقرافي 4/4.
[55] منار السبيل 1/413، المقنع ص136.
[56] أخرجه البخاري 5/2722، مسلم 3/117.
[57] البخاري 4/2262، ابن ماجه 2/2149.
[58] البخاري 4/2103، مسلم 3/66.
[59] بداية المجتهد 2/218، المغني 5/397.
[60] البنوك الإسلامية ص114.
[61] انظر: القاموس ص1219.
[62] حاشية ابن عابدين 3/364.
[63] الشرح الكبير 3/348.
[64] مغني المحتاج 2/211.
[65] المغني 5/1.
[66] أبو داود 3/677.
[67] المغني 5/3.
[68] البنوك الإسلامية ص122.


رابط الموضوع: http://www.alukah.net/culture/0/66324/#ixzz4JehKxLmW

إستراتيجية الاستثمار في السعودية



تتمتع المملكة بسجل مشهود من الاستقرار السياسي والاقتصادي، وقد تبنت حكومة المملكة سياسة تنويع مصادر الدخل وزيادة مساهمة القطاع الخاص وفتح مجالات أكبر أمام المستثمرين والعمل على تذليل الصعوبات التي تواجههم من خلال إصدار عدد من الأنظمة وإنشاء الهيئات المعنية ومنها: المجلس الاقتصادي الأعلى الذي صدر الأمر الملكي بتنظيمه في 17/5/1420هـ، ليهتم بالشؤون والقضايا الاقتصادية في المملكة ويتخذ القرارات بشأنها، ويقوم ببلورة السياسة الاقتصادية وصياغة البدائل الملائمة لها والتنسيق بين الجهات الحكومية التي تتصل أعمالها مباشرة بالاقتصاد الوطني.

وغير خاف أن الهيئة العامة للاستثمار أنشئت في الخامس من محرم 1421هـ الموافق العاشر من شهر أبريل 2000م.

ولا شك أن الموقع الجغرافي المتميز للمملكة العربية السعودية وثرواتها النفطية والمعدنية الهائلة وسياساتها الاقتصادية المنتجة وسوقها المحلي الكبير، إضافة إلى العدد المتزايد من مشاريع الخصصة والحوافز الاستثمارية التي تطرحها الحكومة، تجعل منها أفضل موقع للاستثمار بمنطقة الشرق الأوسط.

ودعماً للمستثمرين الوطنين وتأكيداً على أهداف الهيئة أعدت الهيئة قاعدة معلومات الاستثمار، وهي قاعدة بيانات متطورة وسهلة الاستعمال صممت لمساندة المستثمرين والمهتمين بالاستثمار في المملكة، وتيسير حصولهم على المعلومات التي يحتاجونها.

ومن المتوقع أن تسهم هذه القاعدة في تمكين المهتمين من معرفة التطورات التي تحدث في مناخ الاستثمار وما يتعلق بشؤونه، والفرص الاستثمارية المتاحة في المملكة وبالتالي اتخاذ الخطوات الفاشلة في مجال التخطيط لاستثماراتهم على الوجه الأمثل.

ومن الجدير ذكره أن الاستثمارات في ظل العولمة الاقتصادية كما تشير العديد من الدراسات والأبحاث والتقارير يمكن أن توسع التجارة والأسواق مما يشجِّع التنمية الاقتصادية المستدامة داخل الوطن، وهذه التنمية يمكن أن تسهم في تحسين الظروف المعيشية في البلدان النامية ودعم برامج التنمية البشرية.

وأزعم أن نظام الاستثمار الأجنبي والهيئة العامة للاستثمار والتنظيمات الإدارية والاقتصادية الجديدة في المملكة سوف تضخ الدماء في شرايين الحياة الاقتصادية من أجل نشاط اقتصادي قوي قادر على المنافسة والاستمرار والعطاء والتجدّد.

وغير خاف أن التطورات الاقتصادية والاجتماعية المتوقعة خلال خطة التنمية السعودية سوف تؤدي إلى إتاحة المزيد من الفرص الاستثمارية للقطاع الخاص، ومن ذلك انضمام المملكة إلى منظمة التجارة العالمية الذي يتوقع أن يسهم في فتح أسواق عالمية جديدة أمام صادرات القطاع الخاص السعودي، وتعزيز إمكانات المملكة لجذب الاستثمارات الأجنبية والتوسع في المشروعات المشتركة والاستثمارات الصناعية.

ثم إن الانضمام لعضوية منظمة التجارة العالمية تطلب تعديل الأنظمة واللوائح الحالية التي تنظم الاستثمار، وعمل الأجانب، وتملّك المؤسسات التجارية وتشغيلها، ونتيجة لذلك، فإن قطاعات الخدمات أصبحت مفتوحة للاستثمارات الأجنبية، مما أدى إلى زيادة حدة المنافسة على نحو تدريجي في ظل دخول الشركات الأجنبية في قطاعات الخدمات. وسوف يسهم تحديث قطاعات الخدمات وتطويرها في قيام قاعدة إنتاجية أكثر تنويعاً وتطوراً مما يساعد على تقليل اعتماد المملكة على استيراد الخدمات، وتوسيع مشاركة القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي، إضافة إلى توفير المزيد من الوظائف للمواطنين السعوديين.

وقد تم إعداد خطة استراتيجية للتخصيص تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء الموقر رقم (60) الصادر عام 1418هـ (1998م)، والذي حدد الإطار العام لعملية التخصيص. وتستهدف استراتيجية التخصيص بالمملكة تحسين الكفاءة الاقتصادية، وزيادة الفرص الاستثمارية للقطاع الخاص. لذا، يشكل التخصيص جزءاً مهماً من استراتيجية الدولة بعيدة المدى لزيادة الفرص المتاحة للقطاع الخاص، ورفع مستوى الكفاءة والقدرة التنافسية للاقتصاد الوطني.


رابط الموضوع: http://www.alukah.net/culture/0/76288/#ixzz4JegxNESh

ستراتيجية حل المشكلات نموذج من اللغة العربية




(1)
إنَّ طرق التدريس تَنْبني على فلسفات تربويَّة عامَّة، ونظرياتٍ تعليميَّة تعلُّمية تُنتجها هذه الفسلفات التي توائم زمنَها وما فيه من منجزاتٍ وإشكالات.

وإنَّ عصرنا يتَّسم بثورةِ المعلومات المتاحة المبذُولة لمن يَقدر على الوصول إليها؛ لذا صار هدف التَّعليم ليس إكسابَ المعلومات؛ بل إِكساب طُرق البحث عن المعلومات والوصولِ إليها، وكيفيات ذلك.

وأدَّى ذلك إلى ظهور الاتِّجاه الذي يركِّز في تعلُّم كيفية التعلم لا في التعلُّم ذاتِه، فظهرت البنائيَّة التي ترى أنَّ المعلومة تستقر عندما تدخل على معلوماتٍ موجودة قبلاً في ذِهن المتعلِّم تُجَانِسُها، فتحدث إزاحات وخَلْخلات، ثم تُحدِث التماثلَ والتجانس والتقارب بين القديمِ والجديد، فيَحدث الاستقرار، ويبقى أَثَر التعلُّم، وينتقل في التطبيقات نتيجة الإتقان التعلُّمي ويُعمم.

والمخُّ في هذا كالحاسوب الذي تُجري عليه أمر defragment، فيُعاد ترتيب الأشياء على وَفق ما بينها من صلاتِ تقارب، وإنَّ الدَّمج بين التقنية وعلم النَّفس والتربية أَنتجَ علمَ توزيع المعلومات الذي أدَّى إلى وجود علم النَّفس المعرفي الذي تصدَّر الكلامُ ببعض خصائصه.

ومن هذه الطرق التعليميَّة التعلُّمية التي تُحدِث تعلُّمًا بنائيًّا ذا معنًى طريقةُ حلِّ المشكلات التي تحاول أن تمهِّد لنفسها، حتى لا تفرز تعلُّمًا آليًّا لا يَثبت ولا يَستقر، ولا ينتقل أثرُه ولا تعمَّم نتائجُه.

فما المشكلة؟
إنَّها توتُّرٌ عقلِي أو نفسي يعتري الفردَ نتيجة تعرُّضه لموقفٍ يحول بينه وبين هدفٍ ما مِن أهدافه، فلا يستطيع الوصولَ إليه، فيحفِّزه ذلك إلى أن يسلُك مسالك شتَّى؛ للتغلُّب على ذلك.

وهذا يحدث في كلِّ مجالات الحياة وفي أحايينَ كثيرة، لكنَّ المرء لا يُعنى ببَذْل الجهد إلاَّ مع تلك الإشكالات المتَّصفة بالحيلولَة بينه وبين هدفه وطموحه.

وعلى الرغم من شيوعِ ذلك تجد كتبًا كثيرة تقرن طريقةَ حلِّ المشكلات بالعلومِ والرياضة والمنطق، وكأنَّ بقيَّة المواد - بما فيها اللُّغة العربية - ليسَت صالحة لذلك؛ وهذا غيرُ صحيح.

وتتعجَّب من تلك الكتب التي تعرِّف المشكلةَ بأنَّها سؤال لا يَجِد إجابةً، أو غموض لا يَجد كشفًا؛ مما يجعل أيَّ سؤالٍ يوقِف المتعلِّم موقف التفكير للوصول إلى معرفة غير متاح آنيًّا - مشكلة اصطلاحًا.

ويزداد عجبك عندما تجد كتبَ طرقِ تدريس اللُّغة العربيَّة تخلو من التمثيل لمختلف طُرق التدريس العامَّة، وتجدها تقتصر على إفراد علومِ اللُّغة العربيَّة بملحوظات وتقريرات لا تفيد المعلِّمَ طرق التدريس الرئيسة التي تُوجد في كتب طُرق التدريس العامَّة غير المختصَّة بمادة ما من المواد.

(2)
إذا كانت المشكلةُ كما سبق آنفًا، فما إستراتيجية حلِّ المشكلات؟
إنَّها طريقة التفكير العِلمي الذي يمثِّل المنهجَ العلميَّ الذي ينهض على تصوُّرٍ عَقْلي يحتوي على خطوات وإجراءات محدَّدة سلفًا؛ بُغية تخطِّي الحاجز الممثل للمشكلة للوصول إلى الهدف.

ووجود الإجراءات المحدَّدة سِمة لكلمة (إستراتيجية) مهما كانت، فَبِمَ تتميز هذه السلسلة الإجرائيَّة الموسومة بـ"حل المشكلات" عن غيرها؟

إنَّ السِّمة المميزة لطريقة حلِّ المشكلات: أنَّ بعض خطواتها قد لا تَحدث في الصفِّ الدراسي؛ بل تحدث خارِجَه، وقد يمتدُّ حدوثها زمنًا غير قصيرٍ، وأنَّ وجود حلٍّ لا يحسم مادة الإشكال؛ فسرعان ما تبزغ مشكلة جديدة تَحتاج إلى حلٍّ ما دام الهدفُ لم تكتمل مراحله.
فما خطوات طريقة حل المشكلات؟
إنَّ خطواتها تتأثَّر بصاحب المشكلة.

كيف؟
إن كان المتعلِّم خاليَ الذِّهن من المشكلة، وكان المعلِّم يريد له المرور بخبرةٍ تعليميَّة تعلُّميَّة معيَّنة - فإنَّ الخطوات تبدأ من: إثارة المشكلة، ثمَّ تحديد المشكلة.

أمَّا إن كانت المشكلة موجودةً لدى المتعلِّم فإنَّ الإجراءات تبدأ مِن: جَمْع المعلومات، ثمَّ وضع الحلول، ثمَّ اختيار الحلِّ الأفضل، ثمَّ تجريبه، ثمَّ الحكم عليه بناء على علاجِه المشكلةَ وحلِّها، وإيصاله المتعلِّمَ إلى الهدف.

وما الفرق بين الحالين؟
الحال الأول الذي يثير فيه المعلِّم المشكلةَ قد لا يُحدِث الأثرَ الكامل المطلوب في نفسِ المتعلِّم، أمَّا الحال الآخر فسيَكون التعلُّم فيه كاملاً؛ لذا سيكون نموذجنا المختار من النَّوع الثاني الذي يحمِل الخصائص الواجب وجودها في طريقة حلِّ المشكلات.

مثل ماذا؟
مثل العدد غير الكبير في الصفِّ الدراسي، ووجود الإمكانيَّات ومصادر التعلُّم، والمرونة المدرسيَّة، وتنمية مهارات التفكير العليا، و... إلخ.

وإنَّ هذا كله متاحٌ في جماعة الشِّعر بالمدرسة التي رَغِب طلاَّبها في تعلُّم قَرْض الشِّعر، وبرزَت قبالتهم مشكلاتُ اكتسابِ مهارات النَّظْم الشِّعري، وسينتظم كلُّ لقاء مشكلةً من هذه المشكلات، حتى يتَمكَّنوا من حلِّها عندما يتمكَّنون من "العَرُوض الشكلي".

ما العَرُوض الشكلي؟
إنَّه إكساب المتعلِّم المهتمِّ بالشِّعر وقَرْضه الطريقةَ التي بها يَفهم وينظم بالتمثيل بكلماتٍ من معتادِ حياته؛ فإن صادفَت منه موهبة واستعدادًا صار شاعرًا، وإلاَّ امتلك المهارة والقدرة التعليميَّة التي يعلِّم بها غيره؛ ((فرُب مبلَّغٍ أَوْعى من سَامع)).

كيف يكتسبها؟
بتحليلِ وحداتِ التفاعيل العَروضيَّة التي تُبنى منها الأبياتُ الشعريَّة، ثمَّ محاولة المُحاكاة الشكليَّة مِن دون محتوًى شعري.

أين الشكليَّة؟
الشكليَّة تتمثَّل في أنَّه سيَدرس تجاوُرَ الحركات والسَّكنات من دون أيَّة مصطلحات؛ ليتدرَّب عليها، ثمَّ يطبِّق عليها، ثمَّ ينطلق بعد ذلك لو أراد.

وهي مثل المحاولات الشكليَّة التي تُبذَل في علمِ النحو، التي تستهدف إنشاءَ علاقاتٍ بين الألفاظ مع تجاهل المعاني، على الرغم من أنَّ الحقيقة المسلَّمة تقول: إنَّ الإعراب فرعُ المعنى، وإنَّ الإعراب إن لم يؤدِّ إلى معنًى صحيح يكون خطأ أو ضعيفًا مرذولاً، لكن هذه المحاولات تُبْذل.

كيف سيتم ذلك؟
سيتم ذلك من خلال التخطيطِ التعليمي التعلُّمي المتعدِّد المواقف التعليميَّة، التي سينتظم كلَّ موقف منها لقاءٌ تعليميٌّ له مشكلتُه التي ستُطرح قبله، وسيبحثها الطلاب سابقًا قبل حضورهم إلاَّ الموقف الأول.

(3)
الموقف التعليمي الأول:
1- إثارة المشكلة: حتى ننظم شعرًا يلزمنا معرفة كيفيَّة كتابته؛ إذ إنَّه لا يُكتب الكتابةَ المعهودة لنا.

2- تحديد المشكلة: كيف نحوِّل الكلام المكتوب على وَفق قواعد علم الإملاء إلى كلامٍ يوافق قواعدَ العروض؟

3- نواتج التعلُّم (الأهداف الإجرائية السلوكية):
• يوضح المتعلم كيف يحوِّلون الكلام الإملائي إلى حركات وسكنات.
• يستنتج المتعلِّم أنَّ الشعر حركات وسكونيات.
• يحدِّد المتعلم قواعد تحويل الكلام الإملائي إلى تجمُّعات حركات وسكونيات.

4- واجبات العمل خارج الصف: جمع البيانات للحصول على حل المشكلة:
أ- البحث في كتب العروض، مثل: "المرشد الوافي في العروض والقوافي" للدكتور محمد بن حسن بن عثمان، و"دراسات في العروض والقافية" للدكتور عبدالله درويش، و"المعجم المفصل في علم العروض والقافية وفنون الشعر" للدكتور إميل بديع يعقوب، و"موسيقا الشعر" للدكتور شعبان صلاح، و"موسيقا الشعر" للدكتور إبراهيم أنيس.
ب- سؤال معلِّمي اللغة العربية.
ج- الاستفسار من الشعراء المحليِّين.

الموقف التعليمي الثاني:
1- نواتج التعلم:
• أن يسرد المتعلِّم قواعدَ التقطيع العروضي الذي تتحول به الكلماتُ المكتوبة على وَفق قواعد الإملاء إلى كلمات ومقاطع تُلائم العَروض.

• أن يقطِّع المتعلِّم ما يُعرض عليه من نماذج.

2- الحلول:
طالب1: ما يُنطق يُكتب، وما لا يُنطَق لا يُكتب.
طالب2: حروف المدِّ ساكنة.
طالب3: الحرف المشدَّد يُفكُّ تضعيفه.
طالب4: التنوين يرسم نونًا.
طالب5: ياء ضمير المتكلِّم المذكَّر تسكن حينًا وتتحرك حينًا.
طالب6: ألف الضمير "أنا" يكثر حذفها.
طالب7: همزة القطع قد توصل، وهمزة الوصل قد تُقطع.
طالب8: اللام القمرية قد تسكن حينًا، وقد تتحرَّك حينًا لالتقاء الساكنين.

3- التدريب: كيف تكتبون الآتي كتابة عروضية "أمي لولاك ما كنت ما أنا عليه"؟
4- مناقشة الحلول وتأكيد الحلِّ الصحيح.
5- المشكلة: كيف نرتِّب هذه الحركات والسكونيات ترتيبًا أوليًّا وترتيبًا نهائيًّا؟
6- واجبات العمل خارج الصف: انظر البند 4.

الموقف التعليمي الثالث:
1- نواتج التعلم:
• أن يعرف المتعلِّم علامة الحركة وهي الشرطة المائلة "/"، وعلامة السكون وهو الصفر "0".
• أن يذكر المتعلِّم صورَ تجمع الحركات والسكونيات في التجمُّعات الأولية.
• أن يذكر المتعلِّم صورَ تجمع الحركات والسكونيات في التجمُّعات النهائية.
• أن يذكر المتعلِّم صورَ التجمعات الخماسيَّة وصور التجمُّعات السباعية.

2- الحلول:
طالب1: حركة وسكون، وحركة وحركة، وحركة وحركة وسكون، وحركة وسكون وحركة، وثلاث حركات وسكون، وأربع حركات وسكون.
طالب2: حركتان وسكون وحركة وسكون؛ وهذا تجمُّع خماسي.
طالب3: حركة وسكون وحركتان وسكون؛ وهذا تجمُّع خماسي.
طالب4: حركتان وسكون وثلاث حركات وسكون؛ وهذا تجمُّع سباعي.
طالب5: ثلاث حركات وسكون وحركتان وسكون؛ وهذا تجمُّع سباعي.
طالب6: حركتان وسكون وحركة وسكون وحركة وسكون؛ وهذا تجمُّع سباعي.
طالب7: حركة وسكون وحركة وسكون وحركتان وسكون؛ وهذا تجمُّع سباعي.
طالب8: حركة وسكون وحركتان وسكون وحركة وسكون؛ وهذا تجمُّع سباعي.

3- تدريب: اكتب التجمُّعات الحركيَّة السكونية لما يأتي:
• لم أر على ظهر جبل سمكة.
• واجبنا نحو مصر يلزمنا النهوض.

4- مناقشة الحلول وتأكيد الحلِّ الصحيح.
5- المشكلة: كيف نُكوِّن من هذه التجمعات الحركيَّة السكونية تجمُّعات صافية نهائية متمايزة؟

6- تمهيد علمي:
إنَّ هذه التجمُّعات الخماسية أو السباعية قد تتجمَّع وحدة واحدة منها وتتكرَّر، وقد تتجمَّع وحدتان منها وتتكرَّران معًا؛ فإن كانت الأولى فالتجمُّع صافٍ يسير، وإن كانت الأخرى فالتجمُّع مختلط مركَّب.

وإن تجمعاتها يتم في نصفين متناظرين، كلٌّ منهما يسمَّى شَطْرًا أو مصراعًا؛ فإن كانت الوحدة خماسية تكررَت أربع مرات في كلِّ شطر، وإن كانت سباعيَّة تكررَت ثلاث مرات فقط في كل شطر.

7- واجبات العمل خارج الصف: انظر البند 4 في الموقف الأول.

الموقف التعليمي الرابع:
1- نواتج التعلُّم:
• أن يسرد المتعلِّم صورَ تجمُّعات الوحدات الخماسية.
• أن يسرد المتعلِّم صور تجمُّع الوحدات السباعية.
• أن يذكر أمثلةً على هذه التجمُّعات من كلامه المعتاد.

2- الحلول:
طالب1: حركتان وسكون وحركة وسكون - ثمان مرات في النصفين، وأربعًا في النِّصف، ومثالها: أَكُولٌ، وتقطيعه: / / 0/ 0.

طالب2: حركة وسكون وحركتان وسكون - ثمان مرات في النصفين، وأربعًا في النصف، ومثالها: طَالِبٌ، وتقطيعه: / 0/ / 0.

طالب3: حركتان وسكون وثلاث حركات وسكون - ست مرات في النصفين، وثلاثًا في النصف، ومثالها: مَطَالِبُهَا، وتقطيعه: / / 0/ / / 0.

طالب4: ثلاث حركات وسكون وحركتان وسكون - ست مرات في النصفين، وثلاثًا في النصف، ومثالها: مُتَطَلِّبًا، وتقطيعه: / / / 0/ / 0.

طالب5: حركتان وسكون وحركة وسكون وحركة وسكون - ست مرات في النصفين، وثلاثًا في النصف، ومثالها: (مَسَاكِينٌ) منونةً، وتقطيعه: / / 0/ 0/ 0.

طالب6: حركة وسكون وحركة وسكون وحركتان وسكون - ست مرات في النصفين، وثلاثًا في النصف، ومثالها: مُسْتَأْسِدًا، وتقطيعه: / 0/ 0/ / 0.

طالب7: حركة وسكون وحركتان وسكون وحركة وسكون - ست مرات في النصفين، وثلاثًا في النصف، ومثالها: طالعاتٌ، وتقطيعه: / 0/ / 0/ 0.

3- المشكلة: ائتوا بكلمات تؤدِّي التجمعات المذكورة منكم آنفًا، وكوِّنوا منها الشطرين معًا.


رابط الموضوع: http://www.alukah.net/literature_language/0/87318/#ixzz4Jega4ZMp