يقول ابن مالك:
وَبَعْدَ ذَاتِ الْكَسْرِ تَصْحَبُ الْخَبَرْ
|
لاَمُ ابِتْدَاءٍ نَحْوُ (إنِّي لَوَزَرْ)
|
وَلاَ يَلِي ذِي الَّلامَ مَا قَدْ نُفِيَا
|
وَلاَ مِنَ الأَفْعَالِ مَا كَرَضِيَا
|
وَقَدْ يَلِيْهَا مَعَ قَدْ كَإِنَّ ذَا
|
لَقَدْ سَمَا عَلَى الْعِدَا مُسْتَحْوِذَا
|
-
يجوز دخول لام الابتداء على خبر إن المكسورة، نحو:
( إن زيداً لقائم ).
وهذه اللام حقها أن تدخل على أول الكلام لأن لها
صدر الكلام فحقها أن تدخل على إن نحو: (لإن زيداً قائم) لكن لما كانت اللام للتأكيد
وإن للتأكيد كرهوا الجمع بين حرفين بمعنى واحد فأخروا اللام إلى الخبر.
-
تدخل على خبرها بثلاثة شروط:
1-
أن يكون مؤخرا عن الاسم، فإن تقدم على الاسم
لم يجز دخول اللام عليه نحو قولك: إن في الدار زيداً.
*ولا فرق في حالة تأخره على
الاسم بين أن يتقدم معموله عليه وأن يتأخر عنه، نحو قوله تعالى: (إن ربهم بهم يومئذ
لخبير) فقد دخلت اللام على الخبر في أفصح الكلام مع تقدم معموليه وهما " بهم
" و" يومئذ ".
2- أن يكون الخبر مثبتا غير منفي، (وَلاَ يَلِي ذِي الَّلامَ مَا قَدْ نُفِيَا) فإن كان منفيا امتنع دخول اللام عليه. (إن
زيداً لما يقوم). وما ورد فهو شاذ.
3-
أن يكون الخبر واحدا من خمسة أشياء:
-
أولها: المفرد نحو: " إن زيدا لقائم "،
- وثانيها: الجملة الاسمية، نحو: " إن أخاك لوجهه حسن "، ويجوز دخول
اللام على أول جزءيها نحو: (إن زيدا لوجهه حسن)، وعلى الثاني منهما نحو:(إن زيدا وجهه
لحسن)، ودخولها على أول الجزءين أولى، وقيل أن دخولها على ثانيهما شاذ.
-
والثالث: الجملة الفعلية:
- التي فعلها مضارع
متصرف إذا لم تقترن به السين أو سوف، نحو: " إن زيدا ليقوم ".أو غير
متصرف (إن زيداً ليذر الشر). فإن اقترنت به نحو: (إن زيداً سوف يقوم) أو (سيقوم)، ففي
جواز دخول اللام عليه خلاف، فيجوز إذا كان سوف على الصحيح وأما إذا كان السين فقليل.
- والرابع: التي فعلها ماض
جامد: نحو: (إن زيدا لعسى أن يزورنا). فظاهر كلام المصنف جواز دخول اللام عليه
فتقول: (إن زيدا لنعم الرجل)(وإن عمرا لبئس الرجل) وهذا مذهب الأخفش والفراء، والمنقول
أن سيبويه لا يجيز ذلك.
-
والخامس: الجملة الفعلية التي فعلها ماض متصرف
مقترن بقد: نحو " إن زيدا لقد قام ". ولا تصح بغير اقتران بقد، فلا
تقول: (إنّ زيداً لرضيَ).
-
وتَدْخُلُ على اسم "إنَّ" إذا كان مُتأخّراً
عن خبرها، مثل: ]إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً[، ]وَإِنَّ لَكَ لأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ[.
-
لا تدخل هذه اللام على خبر باقي أخوات إنّ وإذا
وجد فهي زائدة: فلا تقول (لعل زيداً لقائم)،
وأجاز المبرد دخولها في خبر
أن المفتوحة: وقد
قرئ شاذاً ]إلا أنهم ليأكلون الطعام[ بفتح أن
ويتخرج على زيادة اللام.
وأجاز الكوفيون دخولها في
خبر لكنّ: وأنشدوا:
يلومونني في حب ليلى عواذلي
|
ولكنني من حبها لعميد
|
الشاهد فيه: قوله " لعميد " حيث دخلت لام الابتداء - في الظاهر - على خبر
لكن، وخُرّج على أن اللام زائدة كما قال ابن عقيل اتباعاً للبصريين، كما شذ زيادتها في خبر أمسى، وخبر المبتدأ . وجواز ذلك هو مذهب الكوفيين.
والبصريون
يأبون هذا وينكرونه، ويجيبون عن هذا البيت بأربعة أجوبة:
أحدها: أن هذا البيت
لا يصح، ولم ينقله أحد من الإثبات./
الثاني: ما ذكره الشارح
العلامة من أن اللام زائدة، وليست لام الابتداء./
الثالث: سلمنا صحة البيت، وأن
اللام فيه للابتداء، ولكنها ليست داخلة على خبر " لكن " وإنما هي داخلة على
خبر " إن " المكسورة الهمزة المشددة النون، وأصل الكلام " ولكن إنني
من حبها لعميد " فحذفت همزة " إن " تخفيفا، فاجتمع أربع نونات إحداهن
نون " ولكنْ " واثنتان نونا " إنّ " والرابعة نون الوقاية، فحذفت
واحدة منهن، فبقي الكلام على ما ظننت./
الرابع: سلمنا أن هذا البيت صحيح،
وأن اللام هي لام الابتداء، وأنها داخلة على خبر لكن، ولكننا لا نسلم أن هذا مما يجوز
القياس عليه، بل هو ضرورة وقعت في هذا البيت بخصوصه، والبيت المفرد والبيتان لا تبنى
عليهما قاعدة.
-
دخول اللام على معمول الخبر:
يقول ابن مالك:
وَتَصْحَبُ الْوَاسِطَ مَعْمُوْلَ الْخَبَرْ
|
وَالْفَصْلَ وَاسْمَاً حَلَّ قَبْلَهُ الْخَبَرْ
|
- تدخل لام الابتداء على معمول
الخبر إذا توسط بين اسم إن والخبر، نحو: (إن زيداً لطعامك آكل). بثلاثة شروط:
1- أن يكون هذا المعمول متوسطاً
بين ما بعد إن، فلا تدخل على المعمول إذا تأخر فلا تقول: (إن زيدا آكل لطعامك)،
وله في ما بعد إنّ الصور الآتية:
أ-
اسمها: كما في مثال الشارح، نحو: (إن زيداً لطعامك
آكل).
ب-
خبرها الظرف أو الجار والمجرور: نحو (إن عندي لفي
الدار زيداً).
ج-
معمولاً آخر للخبر المؤخر: نحو: (إن عندي لفي الدار
زيداً جالس).
ملاحظة: إذا دخلت اللام على المعمول المتوسط لا تدخل على
الخبر فلا تقول: (إن زيدا لطعامك لآكل).
2- وينبغي أن يكون الخبر حينئذ
مما يصح دخول اللام عليه ولم تدخل، فإن كان الخبر لا يصح دخول اللام عليه(الماضي
المتصرف بدون قد) لم يصح دخولها على معموله. فلا تقول: (إن زيداً لطعامك أكل) وأجاز
ذلك بعضهم.
3- ألا يكون المعمول حالاً
ولا تمييزاً، فلا يصح أن تقول: (إن زيداً لراكباً حاضر)، ولا تقول (إن زيداً لعرقاً
يتصبب). وزاد أبو حيان ألا يكون المعمول مفعولاً مطلقاً ولا مفعولاً لأجله،
فعنده لا يجوز أن تقول: (إن زيداً لركوب الأمير راكب)، ولا أن تقول: (إن زيدا لتأديباً
ضارب ابنه). واستظهر جماعة عدم صحة دخول اللام على المستثنى من الخبر، ولا على المفعول
معه، وإن كان المتقدمون لم ينصوا على هذين.
- اللام مع ضمير الفصل:
ý التعريف: سمي ضمير الفصل لأنه يفصل بين الخبر والصفة. فهو
يفصل في الأمر حين الشك؛ فيرفع الإبهام، ويزيل اللبس؛ بسبب دلالته على أن الاسم بعده
خبر لما قبله. وذلك إذا قلت: (زيد هو القائم) فلو لم تأت بـ (هو) لاحتمل أن يكون القائم
صفة لزيد وأن يكون خبراً عنه، فلما أتيت بـ (هو) تعين أن يكون القائم خبراً عن زيد.
وقال الله تعالى: ]ِإنَّ هَذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ[.
ملاحظة: اللبس يكثر بين الخبر
والصفة؛ لتشابههما في المعنى؛ إذ الخبر صفة في المعنى، بالرغم من اختلاف كل منهما في
وظيفته وإعرابه، وأن الخبر أساسي في الجملة دون الصفة. فالإتيان بضمير الفصل يزيل اللبس
الواقع على الكلمة، ويجعلها خبرًا، وليست صفة؛ لأن الصفة والموصوف لا يفصل بينهما فاصل
إلا نادرًا. نعم قد يقع اللبس بين الخبر وبعض التوابع الأخرى غير الصفة، ولكنه قليل،
أما مع الصفة فكثير.
ý التسمية: والبصريون من يسمونه " ضمير
الفصل " . ومن العلماء من يسميه " الفصل " كما قال الناظم " والفصل
". والكوفيون يسمونه " عماداً
" ووجه تسميتهم إياه بذلك أنه يعتمد عليه في تأدية المعنى المراد.
ý فائدته: يفيد في الكلام معنى الحصر والتخصيص. أو مجرد تقوية
الاسم السابق، وتأكيد معناه بالحصر. والغالب أن يكون ذلك الاسم السابق ضميرًا، كقوله
تعالى: ]وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ[.
ý شروط ضمير الفصل: أربعة شروط:
1-
أن يقع بين المبتدأ والخبر نحو: (زيد هو القائم)
أو بين ما أصله المبتدأ والخبر نحو: (إن زيداً لهو القائم).
2-
أن يكون الاسمان اللذان يقع بينهما:
· معرفتين نحو: (إن محمداً هو
المنطلق) .فلا يصح: كان رجل هو سباقًا؛
لعدم وجوده المعرفتين معًا. ولا: كان رجل هو السباق؛ لعدم وجود المعرفة السابقة؛ ولا:
كان محمد هو سباقًا؛ لعدم وجود المعرفة الثانية، أو ما يقاربها.
· أو أولهما معرفة حقيقة وثانيهما
يشبه المعرفة في عدم قبوله أداة التعريف كأفعل التفضيل المقترن بمن، نحو: (محمد هو
أفضل من عمرو).
3-
أن يكون أحد ضمائر الرفع المنفصلة. كما في هذه الأمثلة.
4- أن يطابق ما قبله في الغيبة
أو الحضور، وفي الإفراد أو التثنية أو الجمع، نحو قوله تعالى: ]كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ[ فأنت للخطاب، وهو في الخطاب وفي الإفراد كما قبله، ونحو ]وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ[ فنحن للتكلم كما قبله.
ý حكمه: اختلفوا فيه: أهو حرف أم اسم؟ وإذا كان اسما فهل
له محل من الإعراب أم لا محل له من الإعراب؟ وإذا كان له محل من الإعراب فهل محله هو
محل الاسم الذي قبله أم محل الاسم الذي بعده ؟
- ذهب البصريون إلى أنه لا موضع
له من الإعراب:
· فالأكثرون على أنه حرف وضع
على صورة الضمير وسمي "ضمير الفصل"، فهو مثل "كاف" الخطاب في أسماء الإشارة،
نحو: ذلك، وتلك.
· ومن النحاة من قال: هو اسم
لا محل له من الإعراب.
- وذهب الكوفيون إلى أن له موضعاً
من الأعراب :
· فمنهم من قال: هو اسم محله
محل الاسم المتقدم عليه، فهو في محل رفع إذا قلت " زيد هو القائم " أو قلت
" كان زيد هو القائم "، وفي محل نصب إذا قلت " إن زيداً هو القائم
" وفي الأخير خلاف .
· ومنهم من قال: هو اسم محله
محل الاسم المتأخر عنه، فهو في محل رفع في المثالين الأول والثالث، وفي محل نصب في
نحو قوله تعالى:]كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ [ .
- المحدثون: له وجهان في
الإعراب:
1-
لا محل له من الإعراب . ( وفقاً للبصريين).
2-
له محل (وفقاً للكوفيين) : ضمير الفصل مبتدأ،
وما بعده خبره، والجملة منهما خبر لما قبله.
في
إعراب: ]إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ[ إن، واسمها، واللام: المزحلقة، و(هم): مبتدأ، أو: ضمير فصل، والمنصورون:
خبر هم، والجملة: خبر إنّهم، أو: خبر إنهم، وضمير الفصل: لا محل له.َ]إِنَّ جُنْدَنا لَهُمُ الْغالِبُونَ[([1]) مثلها.
ý دخول اللام:
· وتدخل لام الابتداء على ضمير
الفصل نحو قوله تعالى: ]إِنَّ هَذَا لَهْوَ الْقَصَصُ الْحَقْ[.
· فإذا دخلت اللام على ضمير
الفصل أو على الاسم المتأخر لم تدخل على الخبر وهو كذلك؛ فلا تقول: (إن زيدا لهو لقائم)
ولا (إن لفي الدار لزيداً).