بسم الله الرحمن الرحيم (يَرْفَعِ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ مِنكُمْ وَٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ } العلم درجات: أولها الصمت، والثانية الاستماع، والثالثة الحفظ، والرابعة العمل، والخامسة النشر ***مروان طاهات*** يرحب بكم ويكيبيديا الموسوعة المروانية MANT

الاثنين، 20 أبريل 2015

أهمية التربية البيئية في تحسين نوعية حياة مجتمعنا المعاصر

 أ.د المهندس حيدر كمونة مركز التخطيط الحضري والاقليمي للدراسات العليا- جامعة بغداد
المقدمة: كما هو معروف ان الاهتمامات البيئية، تمتد من اعماق البحار إلى طبقات الاوزون الناضبة في طبقات الجو العليا، وان مشكلة التلوث البيئي لم تبدأ قبل عشرات السنين، وانما ابتدأت منذ ان قام الانسان بقطع الاشجار لاستخدامها في حياته اليومية من بناء المساكن حتى رميها في الانهار على شكل نفايات. اخذ التدهور البيئي بعد هذا يشق طريقه تدريجيا نتيجة للتطور السريع في شتى المجالات لتتسع دائرة المشكلات البيئية حتى اصبحت الحاجة ملحة لتقييم الوضع الحالي للافادة من التكنولوجيا الحديثة في وضع حلول ناجحة للحد من مشكلة التلوث. وبالرغم من المحاولات والجهود البالغة الأهمية التي تبذل من اجل حماية البيئة المتمثلة في سن التشريعات والسياسات البيئية، الا ان الحل الامثل يكمن في تكوين الانسان وتنشئته وتوعيته وعيا تاما يصل إلى ضميره ويتحول إلى قيم اجتماعية لديه توجه سلوكه اليومي وتعتبره جزءا من هذه البيئة ومسؤولا عن عدم الاخلال بها، قبل مسؤوليته عن ازالة اثار هذا الاخلال وهذا ما يدعى بالتربية البيئية، التي تؤكد على تنمية سلوك الافراد بما يتماشى واهمية المصادر الطبيعية في حياتهم بحيث تجعلهم يتصرفون بدافع احترام القوانين ان وجدت أو يعملون على سن تشريعات تتماشى مع مصلحة المجتمع والفرد على حد سواء. ابان الستينيات ادرجت المفردات البيئية والمعايير في بعض المناهج الدراسية والمواضيع ذات العلاقة في الدراسات الاولية والدراسات الجامعية وخاصة في الدول المتقدمة غير انه اصبح الان اهتمام الافراد في سائر ارجاء العالم بالامور البيئية من سمات العصر، وذلك لتعاظم المشكلات البيئية التي اصبحت تهدد المجتمعات الحالية ومستقبل الاجيال القادمة بالخطر. وعليه فان الاطار العام لمواجهة المشكلات البيئية يكون عن طريق التربية البيئية التي تعمل على خلق النمط السلوكي العلمي السليم تجاه بيئته. وعلى هذا الاساس فقد اهتم بحثنا هذا بنشر التربية بين مختلف المستويات بالنسبة للمجتمع وابتداء من الاطفال وحتى الدارسين في الجامعات وذلك لما لهذا الموضوع من أهمية بالغة في حماية وتحسين نوعية حياة مجتمعنا المعاصر. ويهدف البحث إلى ما يأتي: 1-زيادة الوعي بالنسبة للافراد والمجاميع الذين يعيشون في بيئة معينة بالشعور بالمسؤولية لتحسين نوعية البيئة لمنفعة المجموع. 2-تكوين فهم لاساسيات المبادئ الطبيعية وتقاليد العيش مع الطبيعة واحترام الحياة بكل اشكالها. 3-ادخال المشكلات البيئية بمناهج التعليم من اجل جعل الناس يحترمون البيئة. 4-تكوين اساسيات وطرق عمل مصممة لتحويل مواقف الناس وتصرفاتهم لمصلحة حماية البيئة. 5-ضرورة تعامل التربية البيئية مع ثلاثة حقول: أ-التعليم الذي يخص البيئة. ب-البيئة وسيلة تعليمية. جـ- نشر الوعي البيئي. 6-وضع ستراتيجية خاصة بالتعليم البيئي تركز على تكوين قدرات معينة تساعد في نشر الوعي البيئي ومنع التلوث وايجاد الحلول عندما يحدث التلوث. 7-نشر بعض المفاهيم الخاصة بالتنمية البيئية ومحاولة خلق بيئة نظيفة غير ملوثة ليعيش بها الانسان عيشة هنيئة مريحة وسعيدة. 2-البيئة ومفاهيمها: تطرقت الكثير من الدراسات المختصة بالبيئة إلى استخدام الكثير من المفاهيم والمصطلحات في تحديد معنى البيئة وعناصرها، ولاجل تسليط الضوء على اهم ما ورد للاستفادة منها في هذه الدراسة يمكن تحديد مفاهيمها على النحو الآتي: -اقرت منظمة اليونسكو التابعة للامم المتحدة عام 1967، تعريف الاستاذ النرويجي (س. وبك) بيئة الانسان على انها ذلك الجزء من العالم الذي يؤثر فيه الانسان ويتأثر به، أي الجزء الذي يستخدمه ويستغله ويؤثر فيه ويتكيف له (1). -البيئة: هي الارتباط الضروري بين عنصرين لا غنى عنهما وهما وجود كائن حي وبيئة ملائمة (2). -البيئة: هي التأثير المتبادل بين الكائنات الحية والجغرافية الطبيعية (الماء، والهواء، والارض) (3). -علم البيئة يبحث في المحيط الذي تعيش فيه الكائنات الحية ويدعى ايضا بالمحيط الحيوي والذي يتضمن بمعناه الواسع العوامل الطبيعية والاجتماعية والثقافية والانسانية التي تؤثر على افراد وجماعات الكائنات الحية وتحدد مشكلاتها وعلاقاتها وبقاؤها (4). -وفي مؤتمر استوكهولم عام 1972.. اخذ مفهوم البيئة، السعة والشمولية بحيث اصبح يدل على اكثر من مجرد عناصر طبيعية (ماء، هواء، وتربة، ومعادن، ومصادر الطاقة ونباتات وحيوانات) بل هي رصيد الموارد المائية والاجتماعية المتاحة في وقت ومكان ما لاشباع حاجات الانسان وتطلعاته (5). ويشتمل اشباع حاجات الانسان على ثلاث مهمات (توفير السلع والخدمات المطلوبة بكميات كافية، والحفاظ على انماط التنمية القابلة للاستمرار ببيئتنا على ان اشباع هذه الحاجات لا يقبل التحقق الا من خلال مشاركة الافراد والجماعات المعنية بطريقة تساعد على تجديد وحفظ وتحسين البيئة تحسينا فعالا وتنمية الموارد، فضلا عن كفالة افضل تفاعل ممكن مع مصادر التمويل والتزويد الاخرى من خارج المجتمع (6). -البيئة تتكون من مكونات طبيعية مثل الارض والماء والهواء والتربة والموارد الطبيعية المخزونة فيها كالنفط والثروات المعدنية وكذلك على اختلافها وهذه نطلق عليها (البيئة الطبيعية) وهناك مكونات بيئية مصطنعة استحدثها الانسان واوجدها للحاجة اليها، وهي امتداد للبيئة الطبيعية كالمدن والمستوطنات البشرية والصناعات باشكالها ووسائل المواصلات والنقل المتعددة والموانئ والقنوات والسدود وغيرها ونطلق عليها البيئة البشرية أو البيئة المصنعة أو البيئة المستحدثة من قبل الانسان، وبذلك يمكننا تقسيم البيئة إلى قسمين رئيسين هما: البيئة الطبيعية والبيئة المصنوعة من قبل الانسان (7). وفي ضوء ما ورد في اعلاه يمكن تحديد مفهوم البيئة (بانها التفاعل بين التقنية والعوامل الخارجية التي تشمل العناصر غير الحية المحيطة بالانسان. وتعتبر البيئة بانها تحويل الظواهر المتراكمة في فوضى ظاهرة إلى سلسلة من الحقائق التي ترتبط برباط العلة والمعلول وذلك باستخدام المنهج العلمي الذي يجعل الحقيقة اقرب مساغا إلى الفهم والادراك. ولاجل التعرف على مفهوم البيئة يجب ان نقوم بتحليل عناصرها ومكوناتها. واول عناصر هذه البيئة هو الانسان وتشتمل البيئة على ثلاثة عناصر هي: أ-الطبيعة ب-النظام الاجتماعي جـ-النظام الثقافي تمثل الطبيعة المسرح الذي يمارس عليه الانسان انشطته المختلفة في تسخير الطبيعة لبقائه وديمومته. والنظام الاجتماعي يشمل الجانب المتصل بسكان البيئة من انسان وحيوان التي تشمل الممارسات والاوضاع والعلاقات والتغييرات التي تمتاز بها المجتمعات الانسانية. اما النظام الثقافي فهو تراث الانسان الذي اوجده من خلال انشطته المتنوعة لتسخير الطبيعة لخدمته وديمومة حياته. لذا فان البيئة لا تقتصر بوجه عام على العوامل الطبيعية أو المادية، بل تشتمل العوامل والانشطة الاقتصادية والثقافية معا من اجل بقاء الانسان على وجه الطبيعة. 3-النظم التربوية والمشكلات البيئية بعد ان عرفنا معنى البيئة، وان الانسان مرتبط بها عن طريق نشاط حواسه ومنظومته العصبية فانها تؤثر عليه ايجابا أو سلبا في مواقع عمله وسكنه والاماكن العامة التي يرتادها سواء كانت داخل المدن أم خارجها. ان تعدد وتعقد مشكلات البيئة في العصر الحالي، نتيجة الزيادة المطردة في تعداد السكان والتطور الحضاري والصناعي السريع والتقدم العلمي والتكنولوجي الكبير اصبحت تهدد الانسان نفسه في معيشته وصحته وحياته، حيث ان سوء السلوك البيئي للانسان هو الذي ادى إلى قائمة المشكلات البيئية المعقدة التي تواجهها البشرية لذلك فان المفهوم الحديث للنظام البيئي اصبح يدور حول الانسان وحمايته من نفسه وذلك بالدراسة والمحافظة على جميع العوامل والخصائص البيئية التي تؤثر بالطريق المباشر أو غير المباشر على نوعية الحياة البشرية، حيث تشكل التكنولوجيا مع العلم اسس الحضارة الحديثة من ناحية، لكنها في ذات الوقت تهدد الجنس البشري في المراحل اللاحقة من ناحية اخرى. هذه التطورات الهائلة في ميدان التكنولوجيا قد تؤدي إلى الحاق الضرر بالبشرية. فالمشكلات التي تواجه تطور واستقرار المجتمعات ومنها مجتمعنا العربي تحتاج إلى نظرة كلية، لان الوجود يحتاج إلى انسجام ومواءمة بين الطبيعة والانسان، حيث يكتسب الانسان مواقفة واتجاهاته نحو البيئة منذ ولادته ويتطلب هذا التغيير في المواقف والاتجاهات استجابة عالية وملائمة من قبل الانسان كي تساعده على التكيف الافضل مع هذه المتطلبات. ان مفهوم بيئة الانسان غير محدد، وتحت هذا المفهوم اصبحت التكنولوجيا مسؤولة عن تغيير بناء المجتمع من شكله البسيط إلى مجتمع الكفاية والوفرة لجميع متطلبات الحياة والتطور. والمجتمع العربي كسائر المجتمعات يطمح إلى ايجاد حالة من الكفاية والتطور ضمن ما موجود من موارد. لكن هذا النشاط العلمي المتميز باستخدام التكنولوجيا وانتاجها قد ادى إلى ظهور الكثير من المشكلات البيئية. وانطلاقا من ذلك فان العمل على تنمية الوعي بالمشكلات البيئية متعددة تندرج تحته علوم مختلفة ومتباينة تتطلب منا ان نعرف ونعرج في وقت واحد على اساليب متنوعة وكثيرة لكي نستطيع تغيير مواقف معينة تتسم بتعقد العلاقات وتشابكها. ولذلك يعد موضوع التربية البيئية ضرورة ملحة وطريقة عملية لتزويد مجتمعنا العربي بالمعرفة والمهارات والالتزام بحماية بيئتهم أو تحسينها. ويمكن للناس في هذه العملية ان يتوصلوا إلى مفهوم ليس للمشكلات البيئية فقط مثل التلوث ونواحي النقص في التغذية والموارد الطبيعية الاخرى وتآكل التربة، وانما دراسة اسباب وعوامل الارتفاع والنهوض بها. ولا يجب ان ينظر إلى موضوع التربية البيئية على انه مجرد موضوع اخر يناقش مع غيره من الموضوعات ليجد مكانه في البرامج الدراسية الراهنة، بل يجب ان ينظر اليه على انه وسيلة ايجاد نوع من الوحدة لعملية التعليم في عقل الدارسين. وفي هذا الاطار عبر (رينيه) من ان المشكلات البيئية ومشكلات الانسان ومشكلات التنمية مرتبطة بعضها بالبعض الاخر (8). لهذا فان هناك صعوبات كبيرة تواجه المهتمين بدراسة المؤثرات البيئية، وهذا بدوره يعود إلى حقيقة هي ان اغراض الافراد وافعالهم وكذلك اهداف المجتمعات وانشطتها قد تحد على أساس جزئي ومرحلي. كما اكد (رينيه) ان الطريقة المتعددة الجوانب، والتي تعتمد على علوم مختلفة للدراسة والعمل ليست سهلة من حيث التطبيق والاستخدام عند الممارسة الفعلية (9). لذا فان البحث في معالجة المشكلات البيئية يتطلب نمطا جديدا من التعليم والبحث والدراسة يساير متطلبات التغيير في الحياة من جميع جوانبها. كما ان معظم المشكلات البيئية ليست ذات طبيعة عامة واحدة على مستوى العالم لانها تكتسب ملامح ومؤثرات محلية ووطنية وقومية تختلف باختلاف المناطق والتضاريس الجغرافية، أي انها ذات اشكال وصور متعددة. وبما ان المجتمعات العربية القطرية هي بمجموعها تكون المجتمع العربي الكبير متشابهة في الغالب من حيث بيئاتها الاجتماعية والمناخية وتضاريسها الارضية على اختلاف موارد بيئاتها الطبيعية. لذلك فان المشكلات البيئية التي تواجه مجتمع بلد عربي معين هي نفسها في اغلب الاحيان موجودة في بلد عربي اخر ولكن بدرجات متباينة تبعا لعوامل ومتغيرات اجتماعية وجغرافية واقتصادية وثقافية. ولهذا فانه عندما ينظر اليها في سياقها العملي أي للمشكلات البيئية وفي ضوء خلفيتها الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، يظهر لنا ان المشكلات لا تخضع كلها لخط واحد من الحلول والمعالجات ولكن بحكم ما تم وصفه للمنطقة العربية فان هناك خطوط عامة رئيسة مشتركة لحل ومعالجة تلك المشكلات. وهذا ما اكده مؤتمر تحسين البيئة المنعقد في دبي وباشراف من جمعية حماية وتحسين البيئة التابع للامم المتحدة (10). والذي اشار إلى ان المنطقة العربية تواجه مشكلات بيئية مشتركة تمثل مشكلات حقيقية تواجه التطور والاستقرار الاجتماعي في الدول العربية، ومن ضمن القرارات الختامية التي اصدرها المؤتمر الذي حضره مختصون وباحثون في مجال حماية البيئة وتحسينها هو التأكيد على حتمية التربية البيئية والثقافة البيئية من خلال النظم التربوية التعليمية في مناهج الدراسة والبحوث التي تقدمها الجامعات والمعاهد ومراكز البحث العلمي المنتشرة في البلدان العربية كوسيلة من وسائل الاعلام في حماية البيئة ومعالجة مشكلاتها. في حين اكدت اليونسكو 1972 بان الحروب تبدأ في عقول الناس ايضا مما يدعو إلى ارساء الاسس البيئية الانسانية في هذه العقول. لهذا يتطلب ذلك جمع شمل انواع الانشطة الانسانية المتباينة لتنسجم مع المطامح الانسانية وذلك عن طريق النظم التربوية والتوجهات الثقافية للمجتمعات الانسانية كتوجه وقائي وعلاجي لمشكلات البيئة. 4- التربية البيئية واهدافها: من المعروف ان الانسان يعتمد اعتمادا مطلقا في حياته وتقدمه على البيئة وما فيها من مصادر طبيعية وعليها يعتمد في تطوير معيشته ومؤسساته الاجتماعية والاقتصادية بل ووجوده ايضا، حيث لا يمكن ضمان أي تطور للمجتمع البشري دون ضمان حماية البيئة التي يعمل فيها الانسان صانع التطور. اننا الان امام مفهوم جديد للتنمية يجمع بين الانسان والبيئة في اطار واحد، ولا يجعل التنمية عملا من جانب واحد، ولا نتحدث الان عن الانسان كشيء منفصل عن البيئة ولا عن البيئة منفصلة عن الانسان، بل الحديث كله عن البيئة الانسانية، وعليه فان من اهداف التنمية الشاملة هو المحافظة على البيئة وتحسينها. وهكذا برزت أهمية التربية البيئية في الاعوام الاخيرة وذلك لتوعية الشعب بما في النظام البيئي من مصادر طبيعية ضرورية لاستكمال مشروعات التنمية القومية، ولان التربية البيئية تعتبر شرطا اساسيا واوليا لاي جهد يبذل في ميدان الانماء، لانها توفر لدى الجمهور بشكل عام، ولدى المسؤولين السياسيين والاداريين والفنيين والتربويين بشكل خاص الادراك الحسي للبيئة والمشكلات المرتبطة بها، وتنمية القيم والمعارف والمهارات التي من شأنها تسهيل تحقيق الانماء الاجتماعي الشامل وتحسين نوعية الحياة حيث ان التربية البيئية هي احدى وسائل تحقيق اهداف حماية البيئة وانها لا تعد في حد ذاتها فرعا منفصلا عن العلوم أو موضوعا مستقلا للدراسة، انما تتضمن مختلف فروع المعرفة وتتداخل مع الخبرات التربوية في كل المجالات، بما ييسر الادراك الكامل للمشكلات، ويتبع عن ذلك القيام باعمال عقلانية للمشاركة في المسؤولية اتجاه البيئة الطبيعية وتجنب المشكلات والارتقاء إلى بيئة سليمة، فالعملية اذن عملية شاملة تهدف إلى اذكاء الوعي البيئي على صعيد الوحدات التي تؤلف المجتمع وليست عملية تربوية تقليدية حدسية تقتصر على التعليم فقط دون التنوير الجماهيري (11). ان التعريف الاجرائي للتربية البيئية- كما حدده برنامج اليونسكو- هي عملية تهدف إلى توعية سكان العالم بالبيئة الكلية، وتقوية اهتمامهم بها، والمشكلات المتصلة بها وتزويدهم بالمعلومات والحوافز والمهارات التي تؤهلهم فرادى وجماعات، والعمل على حل مشكلات البيئية والحيلولة دون ظهور مشكلات جديدة، وتكون هذه العمليات مستمرة وتكون متواصلة لبناء هذه البيئة (12). وفي مؤتمر الامم المتحدة للبيئة البشرية الذي عقد في استوكهولم (السويد) عام 1972، وضع المجتمعون تصورا شاملا للمشكلات البيئية الراهنة والمستقبلية وابرز ما صدر في هذا المؤتمر العالمي الدعوة نحو ايجاد وعي بيئي لدى كل فرد في المجتمع العالمي وبمختلف مستويات العمر، يؤدي به الى المشاركة في حماية البيئة ورعايتها وضرورة المحافظة عليها (13). وضمن توصيات المؤتمر جاء التأكيد على الاهتمام بما يعرف بالتوعية البيئية أو التعليم البيئي (أو التربية البيئية) التي هي مسميات لفكرة واحدة تهدف إلى توعية كل قطاعات المجتمع بالبيئة والمشكلات الناجمة عن التعامل المتبصر معها... وقد افرز هذا الاتجاه برامج للتوعية تظهر في وسائل الاعلام كما استوعب رجال التربية هذا الهدف من خلال تطعيم المناهج الدراسية في مراحل التعليم المختلفة بالتربية البيئية (14). ان الظروف والمؤثرات البيئية تؤثر بصورة مباشرة وغير مباشرة على حالة الانسان النفسية والصحية، حيث ان البيئة الجيدة التي يتوفر فيها الجو والماء النقي والتربة النظيفة الصالحة للزراعة يتمتع سكانها بحالة نفسية وصحية جيدة. اما البيئة التي يكون هواؤها وماؤها ملوثين، وتكثر فيها الضوضاء والازدحام، والارض القذرة غير الصالحة للزراعة، يتصف سكانها بحالة نفسية وصحية غير جيدة. وبهذا فان التربية تعمل على تنمية السلوك الايجابي تجاه البيئة، وخصوصا في هذا العصر الذي اصبح التلوث يسود العالم، مما ادى إلى ضرورة تبني مفهوم تعليم حماية البيئة إلى مفهوم التعليم البيئي ضمن البرامج الدراسية والذي بدوره سوف يحقق نتائج فورية لحل المشكلات البيئية مما يدعو إلى وضع برامج تربوية جديدة تتلاءم ومتطلبات حل المشكلات البيئية. فقد تم الاتفاق بين المهتمين بشؤون التربية على وضع مفهوم شامل للتربية وعلى جميع المراحل الدراسية وهو ادراك الانسان للاعتماد المتبادل بينه وبين بيئته وبوعيه بالحياة كلها وبمسؤوليته في المحافظة على البيئة على نحو يتلاءم مع الحياة والعيش في ارجائها (15). وفي هذا المجال فقد حددت الولايات المتحدة الامريكية (التربية البيئية) بانها تنمية وعي المواطن وفهمهم للبيئة ومعرفة علاقتهم بها والاضطلاع بمسؤولية المحافظة عليها لضمان بقائها والعمل على تحقيق حياة افضل (16). كما حدد (Dr.Sten,Forse Lius) مفهوم التربية بانه القدرة على معرفة القيم وتوضيح المفاهيم التي تهدف إلى تنمية المهارات اللازمة للفهم وادراك العلاقات بين الانسان وثقافته وبيئته الطبيعية- الحيوية (17). وعلى صعيد الوطن العربي وفي وقت الحاضر لم تحظ الدراسات البيئية بالاهتمام الذي تستحقه على الرغم من ان البيئة في الوطن العربي تحتوي على الكثير من المصادر الطبيعية المتجددة وغير المتجددة التي تؤثر على حضارة هذه المنطقة بل وفي حضارة ومستقبل العالم، فمثلا عند دراسة الحيوانات والنباتات كثيرا ما ينصب الاهتمام على التفاصيل التركيبية والتشريحية والتصنيفية، دون اهتمام يذكر بدراسة الكائنات كعوامل في البيئة تؤثر فيما بينها وتؤثر بدورها في الانسان. ولقد حددت ندوة بلغراد التي عقدت في عام 1975 بدعوة من اليونسكو وبالتعاون مع برنامج الامم المتحدة للبيئة، غايات واهداف وخصائص التربية البيئية بانها: اعطاء الانسان القدرة على فهم ما تتميز به البيئة من طبيعة معقدة نتيجة للتفاعل الدائم بين مكوناتها البايولوجية والفيزياوية والاجتماعية والثقافية. وتمد الفرد بالوسائل والمفاهيم التي تمكنه من تفسير علاقة التكامل والتكافل التي تربط بين هذه المكونات المختلفة في الزمان والمكان بما يساعد على ايضاح الطريق السوي نحو استخدام موارد البيئة بمزيد من العقلانية والحيطة لتلبية الاحتياجات المادية والروحية للانسان في حاضره ومستقبله له وللاجيال من بعده. والتربية البيئية كذلك تسعى إلى ايجاد وعي وطني باهمية البيئة بالنسبة لمتطلبات التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بحيث تؤدي إلى اشراك السكان كافة طوعا لا كرها وبطريقة مسؤولة وفعالة في صياغة القرارات التي تمس نوعية البيئة بجميع مكوناتها. ففي عام 1972 اهتمت اليونسكو بتطوير البرامج التعليمية وانشأت وكالة انباء خاصة (سميت ببرامج الامم المتحدة للبيئة/ اليونسيف) كما تم أول تبادل دولي واسع النطاق للبرنامج المذكور في عام 1974 عندما انعقد المؤتمر الدولي الخاص بالتربية البيئية في بلغراد وناقش المؤتمر اوراق العمل الخاصة بالتعليم البيئي (التربية البيئية). وفي عام 1977 انعقد مؤتمر دولي في الاتحاد السوفياتي السابق كان من احد اهدافه الاساسية الاهتمام بالبيئة عن طريق التربية والثقافة. وقد خرج بتوصية حدد فيها مفهوم وهدف التربية البيئية باعتبارها عملية تهدف إلى توعية الانسان بالبيئة الكلية المحيطة به وتقوية اهتمامه بها وبالمشكلات المتصلة بها وتزويده بالمعلومات والمهارات التي تساعده على حل المشكلات البيئية التي تواجه مسيرة حياته. والتربية البيئية اخيرا تهدف إلى ايجاد وعي باهمية التكامل البيئي في العالم المعاصر ومعروف بان هناك تفاعلا بين الانسان والبيئة منذ ان ظهر النوع البشري على هذا الكوكب وتتميز البرامج الخاصة بالتربية البيئية بانها القيام بالاجراءات اللازمة للتفاعل مع الواقع البيئي في المنزل أو المدرسة أو محيط العمل أو المحيط الاجتماعي وما شابه ذلك من المؤسسات التربوية الاخرى. ولاجل تحقيق هذه الاهداف يجب وضع الخطط اللازمة لتطوير البرامج الدراسية وتنفيذها مع تضمين تلك الاهداف اهدافا خاصة يمكن تحقيقها من خلال الانشطة التعليمية المختلفة وفي ضوء ذلك يمكن تحديد الهدف العام للتربية البيئية بانه (اعداد المواطن الملم بالبيئة الكلية والمهتم بها وبالمشكلات المتصلة بها والمزود بالعلم والمعرفة والمهارات اللازمة للعمل على حل المشكلات البيئية الحالية والحيلولة دون ظهور مشكلات جديدة وللوصول إلى تلك الاهداف يتطلب ايجاد اوضاع وعمليات لمساعدة الافراد والجماعات على ما يأتي): 1-توعية الناس بانهم جزء لا ينفصل من النظام البيئي وان كل ما يفعلونه يغير بيئتهم تغييرا ضارا أو نافعا. 2-اكتسابهم المعلومات والمهارات الاساسية التي تساعدهم على حل المشكلات البيئية التي تواجههم في حياتهم اليومية. 3-تزويدهم بالمهارات التي تساعدهم في اصلاح مساوئ البيئة ومنع حدوثها وهذا بدوره يتطلب صياغة اهداف واضحة ومحددة يستطيع النظام التربوي تحقيقها على شكل سلسلة من الانشطة العلمية والتعليمية وهي: أ-الوعي:من المهم مساعدة الافراد على اكتساب وعي يعمق في نفوسهم الاحساس بالبيئة الكلية وما يتصل بها من مشكلات. ب-المعرفة: اذ ينبغي مساعدة الافراد على اكتساب طائفة متنوعة من الخبرات المتصلة بالبيئة الكلية والفهم القائم على أساس الاحوال البيئية وما يتصل بها من مشكلات والقدرة على نقد العيوب والمساوئ في البيئة. جـ-الاتجاهات: ضمان مساعدة الافراد على اكتساب قيم اجتماعية وشعور جديد بالاهتمام بالبيئة وبعث الرغبة في المشاركة الفعالة في حماية البيئة وتحسينها. د-المهارات: اذ تساعد الافراد على اكتساب المهارات اللازمة لحل المشكلات البيئية. هـ-المشاركة: يجب مساعدة الافراد على تنمية الشعور بالمسؤولية والاحساس بان المشكلات البيئية تتسم بطابع الجدية مما يتطلب ذلك اتخاذ الاجراءات المناسبة لحل المشكلات البيئية. 5-التطور التكنولوجي والبيئة: تعتمد الحضارة الحديثة على التطور العلمي والتكنولوجي، فقد اصبح بالامكان تحقيق مستويات عالية من الوفرة المادية من ناحية كما انها اصبحت تهدد الجنس البشري في المراحل المقبلة من ناحية اخرى. ولعل التغييرات التي احدثتها الثورة العلمية والتكنولوجية في البيئة حيث تزايدت الاخطار وتفاقمت المشكلات وتنبه الانسان على ضرورة التصدي للمشكلات البيئية حتى تبقى البيئة موطنا مريحا لحياته. ولعل تحويل مدينة بتسبرج في الولايات المتحدة الامريكية من مدينة مليئة بالدخان إلى مدينة خالية من الدخان والضباب مثال جيد للحملة التي شنها الانسان ضد تلوث الهواء. فقد كانت مدينة بتسبرج تعرف قبل الاربعينيات من هذا القرن بالمدينة (الدخناء) وكان من المتعذر على اهلها ان يروا الجانب الاخر من الشارع، اما اليوم فبامكان الشخص ان يرتدي في مدينة بتسبرج قميصا ابيض من الصباح الى المساء دون ان يتسخ وفي امكان ربات البيوت ان ينشرن غسيل الملابس في صباح يوم مشمس دون ان يلجأن إلى اعادة غسلها عند الظهر بسبب تلوثها بالدخان والغبار. وتقدر السلطات المحلية بالمدينة بانه قد تم توفير مبلغ زهاء (40) مليون دولار من نفقات غسل الملابس، حيث ان كمية الدخان والغبار قد انخفضت نسبتها 94% منذ الحرب العالمية الثانية وهي نسبة لا شك مدهشة، وبلغ مدى الرؤية من مركز الاعمال في المدينة زهاء (15) كيلومترا إذا قيس بحالة نسبة الظلام التي كانت سائدة فيما مضى. وكان سر النجاح في مكافحة الدخان والغبار يرجع إلى التعاون بين افراد المجتمع، حيث تم تجنيد كل عنصر من عناصر المجتمع للقيام بجهد مشترك فقد قرر اصحاب المساكن البالغ عددها (50000) مسكن ومعظمهم يستعمل الفحم في التدفئة باستبدال هذه المادة أو بتركيب المواقد المانعة للدخان، وتبرع اصحاب المعامل بمبالغ ضخمة لمنع انبعاث الدخان من مداخن المصانع، أو انابيب العوادم، حيث كانت تحتوي على (1400) منشأة صناعية وتجارية، واخذ اصحاب سكك الحديد والبواخر التي كانت تقوم بحركة مرور مطردة في المنطقة باستعمال زيت الديزل بدلا من البخار، وتطوعت مناجم الفحم في الحد من اشعال الحرائق في المواد التالفة، وقد بلغت جملة الاستثمارات في تغيير الوقود وتركيب اجهزة النظافة لتنقية الهواء منذ الحرب العالمية الثانية رقما يزيد عن (380.000.000) دولار تحمل اصحاب المساكن 25% من هذا المبلغ وتحمل رجال الصناعة 75% منه. ويظهر من ذلك بان اهم العوامل التي ادت إلى التغلب على المشكلة العويصة التي تعرضت لها مدينة بتسبرج هو ان الانسان القاطن في المدينة اخذ يتعاون مع الاجراءات التي اقترحت في حينها واصحاب المعامل لم يكتفوا بتكليف مهندسيهم بالحد من انبعاث الدخان بل انهم قاموا باجراء ابحاث فنية للحد من انبعاث الدخان. لقد عادت هذه الاكتشافات المهمة بالفائدة ليس على المنطقة فحسب بل على الولايات المتحدة الامريكية كلها كما افادت في وضع مواصفات لمنع التلوث عند تصميم المصانع الجديدة. ان هذا الاسلوب في مقاومة التلوث البيئي يعد من الاساليب الرائدة، حيث ان الكثير من الصناعيين في العالم مازال همهم ازدهار منتجاتهم، ولو كان ذلك على حساب نوعية حياة الناس ولعل الدليل على ذلك التشريعات الكثيرة التي تسنها الحكومات من اجل حماية البيئة من الملوثات المتنوعة التي تنجم عن العمليات الصناعية، ولا شك ان افضل من التوسع في سن التشريعات اتاحة الفرصة لرجال الاعمال والصناعة بالانضمام في برامج خاصة للتربية البيئية تبصرهم بما تفعله مصانعهم في البيئة البشرية من تلوث مسببة بذلك في تردي نوعية الحياة. ان الاعتقاد السائد من ان التكنولوجيا سوف تحل المشكلات الاجتماعية والاقتصادية وتوفير افضل الخدمات للبشرية ليس دائما هو الصحيح، حيث انها في بعض الاحيان قد تؤدي إلى الحاق الضرر بالبشرية. فالمشكلات التي تواجه استقرار وتطوير البشرية تحتاج إلى نظرة كلية، لان الوجود يحتاج إلى انسجام بين الطبيعة والانسان وكذلك احساس حقيقي بواقع حركة المجتمع وتطوره.. اذ يعتبر الانسان قلب بنائنا التكنولوجي الحالي وعن طريق العلم والتكنولوجيا اتسعت قدرة الانسان على صنع وتطوير الالات الصناعية اتساعا مطردا.. وكانت نتيجة هذا البناء التكنولوجي المتطور الهائل في كثير من البلدان هو ظهور المشكلات البيئية، فالعلم والتكنولوجيا هما الدعامتان الجوهريتان في وجود وتطوير المجتمعات الصناعية (8). ان ضرورة التكنولوجيا لاشباع حاجاتنا تعتبر من اقوى الحجج التي تقدم للتعجيل بالتطور الصناعي، حيث ان متطلبات البشرية عبر التاريخ والحاجة إلى فهم العالم موجودة مع الانسان دائما. فالتطور قانون شامل يسري على العالم سواء كان عالم الجماد ام الحياة وهو يفضي بان الحي والجماد دائم التحول والتطور. وهذه الحركة التطورية الصاعدة لا تسري على الحياة والجماد فحسب بل هي وللانسان تشمل الحياة الاجتماعية والقيم والمفاهيم. فالتنظيم الاجتماعي وحل المشكلات الاجتماعية يجب ان يقومان على الاسس والمبادئ التي يستند عليها العلم والتكنولوجيا المتطورة من اجل التوافق والاتزان البيئي. لهذا فقد اصبحت التكنولوجيا مسؤولة عن تغيير بناء المجتمع من شكله البسيط إلى مجتمع الكفاية والوفرة لجميع متطلبات الحياة والتطور. لكن القدرة على خلق الثروة من خلال استخدام التكنولوجيا وانتاجها قد ادت إلى ظهور الكثير من المشكلات البيئية (19). وفي هذا الاطار تبرز أهمية التربية البيئية وضرورة اتخاذ جهود مشتركة ومنسقة قطرية واقليمية ودولية، ومن اجل اعادة الانظمة البيئية إلى توازنها الطبيعي، يجب خلق عقلية جديدة من البشر تفهم الطبيعة وتوازناتها وعلاقة الانسان بها، بحيث يشعر كل فرد بمسؤوليته في المحافظة عليها ولا يخفى ما للتعليم والارشاد من اثر كبير في ذلك. 6-الاستنتاجات والتوصيات: -الاستنتاجات 1-ينبغي ان تشمل التربية البيئية جميع فئات الشعب وشرائحه، حيث انها ليست مهمة المدرسة فقط بل مهمة كل من المدرسة والبيت ووسائل الاعلام والمنظمات الجماهيرية والجمعيات العلمية والمهنية في نشر الوعي البيئي الذي يهدف إلى توضيح العلاقات الاساسية التي تربط بين الانسان واطار حياته، مع حث الافراد على انتهاج انماط من السلوك تنم عن الاحساس بالمسؤولية تجاه البيئة بغية حمايتها وتحسينها باستمرار. 2-ان الخطر الآجل الذي يتمثل في اضرار واخطار بيئية، كالاستنزاف غير الرشيد لمصادر الثروة الطبيعية والبيولوجية، وتلوث الارض والماء والهواء، والقضاء على الكثير من الحيوانات واجتثاث المساحات الخضر والزحام والضوضاء والامراض والاوبئة، يمكن درؤها عن طريق التربية البيئية التي تشمل جميع شرائح وفئات المجتمع، كل حسب عمره وعمله، وبهذا الاسلوب يمكننا مواجهة المشكلات التي تثيرها البيئة امام المجتمع المعاصر بالتربية البيئية التي تهدف إلى غرس الوعي البيئي والاخلاق البيئية. 3-لقد سنت العديد من القوانين لتنظيم استغلال المصادر الطبيعية وصيانتها ولكن وجدنا بأن تلك القوانين وحدها لا يمكن ان تؤدي إلى ضمان التصرف السليم من قبل الافراد تجاه البيئة، حيث ان الاساس في ذلك هو العنصر التربوي بالدرجة الاولى. فعملية التربية في هذا المجال امر غاية في الأهمية، اذ انه عن طريقها يمكن تنمية سلوك الافراد بما يتماشى واهمية المصادر الطبيعية في حياتهم بحيث تجعلهم يتصرفون بدافع احترام القوانين ان وجدت أو يعملون على تشريعها بما يتماشى ومصلحة المجتمع والفرد على حد سواء. -التوصيات 1-بما ان الجامعات تضطلع بمسؤولية التعليم والبحث العلمي، فقد اصبح من اهم مهماتها هو اجراء التحليلات التقنية لمشكلات البيئة العديدة التي تواجه المجتمع في الوقت الحاضر وايجاد الحلول المناسبة لها ولكي تؤدي الجامعات العلمية دورها الاساس في مساعدة الانسان على التطور والتقدم فقد اصبح لزاما على جميع المؤسسات التربوية مساعدة المتعلم على ادراك بعض المفاهيم المعينة اللازمة لاعداد مجتمع ملم باحوال البيئة. 2-ان توعية المواطنين بخصائص الطبيعة وطرق المحافظة عليها يجب ان تدخل في البرامج التعليمية منذ المراحل الابتدائية حتى الجامعية. ولغرض تطوير قيم بيئية عامة وقومية تختص بايجاد التوازن في عوامل التوافق مع البيئة ومستوى المعيشة يلزم مراعاة ما يلي في مجال التعليم البيئي: أ-النظام البيئي والسكان: ان ايجاد نوع من العلاقة الثقافية بين النظام البيئي والتعريف بأهم ما يتعرض له من مشكلات بالنسبة للسكان وتبصيرهم بأهم الوسائل والطرق ليتم المحافظة على نظامهم البيئي (المحيط البيئي) من خلال: -تطوير مفهوم جماهيري اساسي للعلاقات الانسانية، والتفاعلات البيئية ككل، وتفهم الحاجة للمحافظة على التوازن البيئي، مع مراعاة خلق الاهتمامات والحوافز للعمل على حل مشكلات البيئة، والتشجيع المستمر للفرد على تحسينها حيث انه ينبغي ان تكون التوعية البيئية مدى الحياة. -يتعين على التربية البيئية ان توفر المسائل اللازمة وبدرجات تتفاوت في تعمقها وخصوصيتها تبعا لتباين جماهير المتعلمين لادراك وفهم العلاقات القائمة بين مختلف العوامل البايولوجية والفيزيائية والاجتماعية والاقتصادية التي تتحكم في البيئة من خلال اثارها المتداخلة في الزمان والمكان وتنمية الفهم للمصادر الطبيعية وطرق صيانتها وحتى استغلالها وتدارس اهم الحلول التي يمكن ان تعالج مشكلات المحافظة على المصادر الطبيعية على المستويات المحلية والعالمية. -دمج التربية البيئية في تربية جمهور السكان عامة (الاطفال والشباب والكبار) من خلال التعليم النظامي بما في ذلك التعليم العالي والتعليم غير النظامي بغية التوصل إلى تفهم افضل للمشكلات البيئية وتوجيه سلوك السكان وتصرفاتهم وجهة مواتية لصون البيئة وتحسينها. ومما تقدم نلاحظ ان التعامل مع النظام البيئي بعقلانية وببعد علمي يجنب البيئة وبالتالي السكان مشكلات لا تعد ولا تحصى تضر بهم وبمحيطهم الحياتي. ب-الاقتصاد البيئي والتكنولوجيا ان التطور التكنولوجي مثلما كانت له فوائد اقتصادية واجتماعية كانت له اثار سلبية انعكست على البيئة مسببة اضرار اقتصادية ومادية. واصبحت عملية تفادي تلك المشكلات عملية مكلفة تحتاج إلى مبالغ طائلة تعجز الحكومات والدول على تخصيصها ببرامج البيئة والحفاظ عليها. ان اختلال التوازن ما بين ما يحققه التطور التكنولوجي من مكاسب وما يخلفه من اضرار اصبح مشكلة حقيقية تواجه البيئة والاقتصاد وبالتالي تعريض المجتمع إلى ازمات اقتصادية ومشكلات بيئية. ولذلك تعد عملية التعليم البيئي من افضل وسائل تبصير المجتمع بابعاد الاستغلال السيئ للموارد واستخدام التكنولوجيا الملوثة المسببة لتدهور النظام البيئي ولذلك يقترح اجراء ما يأتي: -دراسة وملاحظة جميع مراحل وعمليات التطور والتنمية وتجسيدها من الناحية البيئية، حيث ان عملية التوعية البيئية تنطلق اساسا من مبدأ ان يتمكن الناس من معرفة اولا كيفية اشباع حاجاتهم الاساسية، ومن ثم معرفة كيفية المحافظة على التوازن والربط بين النمو الاقتصادي والنمو البيئي وذلك من خلال المحافظة على التوازن بين الشروط البيئية الثلاثة وهي ان تكون بيئة: صحية- منتجة- ممتعة. -توضيح بأن جميع النشاطات البشرية ومؤسساتها المختلفة لها جذورها العميقة في الاعتماد على المصادر الطبيعية، بل وتعتمد عليها اعتمادا كليا مع اعطاء البصيرة للتعرف على الدلالات التي قد تشير إلى اهدار وضياع المصادر الطبيعية. -ادراك الدور الذي تتعرض له الموارد الطبيعية التي تمتلكها الدول النامية في صراعها للحصول على الاستقلال والاعتماد على الذات في تحقيق التطور والتنمية الاقتصادية من خلال تعزيز التطور التكنولوجي. -شرح وابراز الوقائع التاريخية التي تدل على سوء استغلال بعض المصادر الطبيعية وما ترتب عليه من اثار ونتائج اقتصادية واجتماعية، وتصحيح الاعتقاد الخاطئ الذي قد يسود عند البعض بان المصادر الطبيعية لا ينضب معينها مهما عبث الانسان بها وتحديد المعايير التي من شأنها ان تساعد على التمييز بين ما هو متجدد من المصادر الطبيعية وبين غير المتجدد منها وفي ذات الوقت تقدير المجهودات التي بذلت في الماضي والتي تبذل حاليا والتي قد تبذل مستقبلا في المحافظة على مقومات البيئة وضمن استغلالها بشكل عقلاني دون الحاق الضرر أو هدر الموارد. -ايضاح دور العلم والتكنولوجيا في تطوير علاقة الانسان بالبيئة ومعاونة الانسان على ادراك ما يترتب على اختلال توازن العلاقات من نتائج قد تؤثر على حياة الانسان الاجتماعية والاقتصادية مع تعريف المواطن بالبيئة الطبيعية التي لم تمسها يد الانسان وتلك التي تناولها الانسان بالتغيير من اجل مجتمع معاصر. ومع كل ذلك يمكن القول بان عنصر التطور والتكنولوجيا لكي يكون في اتجاه يخدم المجتمع يجب ان يحقق الموازنة والمواءمة مع النظام البيئي لذلك المجتمع لتحقيق التطور والتنمية المستديمة ورفع مستوى الاقتصاد الوطني والقومي دون الحاجة إلى خلق مشكلات وتحميل البيئة اعباء يتطلب من المجتمع حلها ومعالجتها. جـ- القرارات البيئية وكيفية تنفيذها: ان حماية وتحسين البيئة تتطلب وضع سياسات وقرارات تنسجم والواقع الاجتماعي والاقتصادي ومستوى المشكلة البيئية وابعادها وحتمية معالجتها وفق ما تتيسر من امكانات ووسائل، ولذلك فان عملية وضع القرارات وسن التشريعات تتطلب من اصحاب القرار اتباع ما يأتي: -توفير معلومات دقيقة عن البيئة والمشكلات الجدية والانية المتصلة بها للمواطنين حتى يمكنهم اتخاذ القرارات السليمة لاسلوب التعايش معها وحلها. -البحث عن التوازن بين احتياجات المدى القريب واحتمالات المدى البعيد وما قد يطرأ من التزامات عند اتخاذ القرارات الخاصة بالبيئة وينبغي ان تكون التربية ذات نهج يجمع بين فروع العلم المختلفة. -ولاتخاذ القرارت وتنفيذها بشكل سليم لا بد من فهم العلاقة بين احتياجات المجتمع وتفاعلاته مع البيئة وينبغي ان نبرز في عملية التربية البيئية أهمية وضرورة التعاون المحلي والاقليمي والدولي في حل مشكلات البيئة واتخاذ القرارات على المستوى المحلي وعلاقتها بالمستوى الاقليمي والعالمي ومدى انسجامها واختلافها. ان عملية وضع القرارات وتنفيذها تتطلب الفهم الدقيق والشامل لواقع البيئة ومستوى المجتمع ومدى تقبله وتطبيقه للقوانين والتشريعات التي تصدرها الجهات المختصة لحماية وصيانة البيئة ووسائل تنفيذها.

الهوامش: 1-أ.م هوى واخرون، الانسان والبيئة -ترجمة وتلخيص عصام عبد اللطيف الموسوعة الصغيرة 39 -دار الحرية للطباع -بغداد- 1979 ص 10. 2-تطوير تدريس البيئة في الولايات المتحدة الامريكية- مجلة المستقبل- العدد 2 القاهرة -1979 ص (34). 3-دانيل، فيدران- التربية البيئية بين النظرية والتطبيق- مجلة مستقبل التربية - اليونسكو- مركز مطبوعات اليونسكو -القاهرة- 1978ص (75). 4-غرابيه، د. سامح ود. يحيى الفرحان- المدخل إلى العلوم البيئية- دار الشرق للنشر -الاردن- 1987- ص13. 5- الحمد، رشيد ود. محمد سعيد صباريني -البيئة ومشكلاتها- سلسلة عالم المعرفة (22) -الكويت- 1984- ص 14. 6-رضوان، عبد السلام- حاجات الانسان الاساسية في الوطن العربي برنامج الامم المتحدة للبيئة- عالم المعرفة- العدد 150- الكويت- 1990، ص8. 7-الخطاط، د. سلمان- الفن البيئي- جامعة بغداد- 1990، ص8. 8-رينيه، ما هي، من اجل بيئة انسانية- مجلة مستقبل التربية- اليونسكو- مجلة تربوية دورية- مركز مطبوعات اليونسكو- القاهرة- 1970 ص (543) 9-نفس المصدر السابق، ص 544. 10-اجناس، ماش -البيئة والتنمية- المفاهيم الرئيسة لمدخل جديد للتعليم البيئي- العدد -4- اليونسكو- مركز مطبوعات اليونسكو -القاهرة- 1978، ص 545. 11-ستاب، ب. ويليام- نمط نموذجي لمنهجية التربية البيئية- مجلة رسالة الخليج العربي- مكتب التربية العربي لدول الخليج- العدد 15- السعودية- الرياض 1985 ص180. 12-اليونسكو- التربية في مواجهة مشكلات البيئة، الوثيقة (14) من وثائق مؤتمر تبلبس للتربية البيئية- الاتحاد السوفياتي- 1977. 13-اليونسكو- مجلة التربية الحديثة- المكتب الاقليمي للتربية في البلاد العربية- العدد 36-1985 ص8. 14-الحمد، رشيد ود. محمد سعيد صباريني -البيئة ومشكلاتها- سلسلة عالم المعرفة- 22 -الكويت- 1984 ص 12. 15-التربية البيئية في المناهج الدراسية -مصدر سابق- ص 584. 16- تطوير تدريس التربية البيئية في الولايات المتحدة الامريكية -مصدر سابق ص 36. 17-التربية البيئية والمناهج المدرسية- مجلة مستقبل التربية -العدد 3- القاهرة 1970 ص 591. 18-وليام ب. تدريس التربية البيئية والمحافظة عليها في الولايات المتحدة الامريكية مجلة مستقبل التربية -العدد 4- القاهرة- 1978 ص105. 19-لورانس د. كارنجتون- اتجاهات وقضايا في التعليم البيئي- مجلة مستقبل التربية القاهرة -العدد4- 1978 ص 158. 1 10 أخبر صديقك عن هذا البرنامج او المقال نسخة معدة للطباعة التصويت (مرات الزيارة: 2213 | اخبرعنه: 0 | مرات الطباعة: 357 | الترتيب: 6.44 / 9 صوت) المواضيع التالية : • ماذا بعد الفلسفة التربوية؟ – 07 يونيو 2005 - 20:21 •  برلمان إقليم كوردستان... أربعة عشر عاما ضوئية – 07 يونيو 2005 - 20:20 •            التركمان وحقوقهم المشروعة – 05 يونيو 2005 - 22:29 •         العراق الجديد وتنمية المنظمات الادارية – 05 يونيو 2005 - 22:29 •            حديث للتآخي – 05 يونيو 2005 - 22:28 المواضيع السابقة : •     فكرة الدولة الوطنية متعددة القوميات في اطار الفدرالية والمحددات والضوابط والمشكلات التي تواجهها.. وا – 01 يونيو 2005 - 23:42 •        سلسلة مقالات للاسهام في الحوار حول أبرز المشكلات العقدية في الدستور العراقي الجديد – 01 يونيو 2005 - 23:41 •     اعتماد قانون ادارة الدولة اساساً للدستور الدائم – 01 يونيو 2005 - 23:39 • ديون العراق تعالج من قبل قوى الشعب باكملها وليس من قبل حزب او وزير مهما ارتفع مقامه. – 31 مايو 2005 - 21:04 •       نقطة الضوء – 31 مايو 2005 -