ينبغي
تناول تنمية القدرات في الإدارة الحكومية على ثلاثة مستويات؛
هي: المستوى الفردي، ومستوى المؤسسات، والمستوى الاجتماعي. فعلى المستوى الفردي،
يشمل ذلك تهيئة الظروف التي تتيح للموظفين
العموميين البدء في عملية مستمرة من التعلم والتكيف مع التغيرات، مستثمرين في ذلك المعرفة والمهارات الحالية مع دعم
هذه المعرفة والمهارات والاستفادة منهما في اتجاهات جديدة. ويتطلب ذلك وجود منهج
جديد لإدارة الموارد البشرية، كما أن يشير أيضا إلى
أهمية إدارة المعرفة باعتبار أن ذلك هو الوسيلة
الجديدة لزيادة التعلم. وعلى مستوي المؤسسات،
يجب تطبيق منهج مشابه. فبدلا من إنشاء مؤسسات
جديدة تعتمد في أغلب الأحوال على برامج عمل أجنبية معدة سلفا، ينبغي أن يركز الدعم على تحديث آليات تلك المؤسسات، مع إعطاء
الأولوية لتحديث النظم والإجراءات. ويعتبر الأساس في
هذه العملية هو تنمية القدرات بهدف دعم السياسات،
وزيادة الفعالية التنظيمية، وإدارة الإيرادات
والمصروفات. وأخيرا، على المستوى الاجتماعي،
يجب أن تدعم تنمية القدرات نموذجا
لإدارة حكومية أكثر تفاعلا مع الآخرين، تستفيد
من إجراءاتها ومن الملاحظات التي تتلقاها
من السكان على حد سواء. ولابد من حدوث تغيير
اجتماعي حتى يستطيع الناس أن ينظروا إلى الإدارة الحكومية على أنها جهة لتقديم
الخدمات، تتفاعل مع الناس وتخضع للمساءلة ويتعين مراقبة أدائها.
واستنادا
إلى ذلك، يمكن تقسيم إصلاح الإدارة الحكومية إلى أربعة مجالات رئيسية:
1.
إصلاح الخدمة المدنية. ويهتم هذا الفرع بالموارد البشرية في القطاع العام مثل القدرات والأجور
وأوضاع العمل.
2.
زيادة فاعلية واستجابة نظام وضع السياسة.
3.
إصلاح آلية الحكومة
التي تهتم بالقواعد والمؤسسات وهيكل الإدارة اللازم لتنفيذ سياسة الحكومة بما في
ذلك الأدوات الجديدة للإدارة العامة، وبشكل خاص الإدارة الإلكترونية للحكم
والحكومة الإلكترونية.
4.
إصلاح نظام إدارة إيرادات ومصروفات القطاع
العام.
4-1 إصلاح الخدمة
المدنية
مازال
يشكل إصلاح الخدمة المدنية - الذي يشتمل على تنمية قدرات الخدمة المدنية للوفاء
بالتزاماتها، والمحدد ليشمل القضايا الخاصة بالتعيين والترقية والأجور وعدد
العاملين، وتقييم الأداء والموضوعات ذات الصلة - الجزء الأساسي لبرامج إصلاح
الإدارة في الدول (رغم أن البرنامج الإنمائي لا يمول
في معظم الأحوال هذه البرامج). وقد ركز إصلاح الخدمة المدنية بشكل كبير على الحاجة
إلى احتواء تكاليف التوظيف
بالقطاع العام من خلال الاقتصاد في النفقات وإعادة الهيكلة. بالإضافة إلى ذلك،
اتسع نطاق إصلاح الخدمة العامة ليشمل التركيز على الهدف طويل الأجل الخاص بإيجاد
قوة عاملة حكومية ذات حجم مناسب ومهارات
متعددة ولديها الدافع الصحيح والأخلاق المهنية وتركز على مصلحة
العميل وتخضع للمساءلة.
وبالطبع تظل التكاليف
العامة الخاصة بالخدمة المدنية مصدر اهتمام مشروع. ولا يزال هناك اهتمام رئيسي بتناول أسباب الارتفاع الصاروخي في أجور الموظفين المدنيين والذي شهدته
دول عديدة في فترة السبعينيات والثمانينيات، ووقف هذا
الارتفاع.
وفي الآونة الأخيرة، بالإضافة إلى هذه
المشكلات، تم بشكل أفضل فهم عدد
من المشكلات الأخرى التي ارتبطت بدرجة أكبر بجودة ودوافع الخدمة المدنية، على سبيل
المثال:
1.
الإدارة السيئة للأداء، مما يؤدى
إلى عدم وجود حوافز كافية لتحقيق الأداء بشكل أفضل.
2.
نظم التعيين والترقية، التي لا
تعكس بشكل حقيقي الأوضاع في الدولة، غالبا ما تهتم بشكل
مبالغ بالتعليم الرسمي ولا تهتم بجذب
العاملين المؤهلين والأكفاء أو ترقيتهم.
3.
تسييس الخدمة
المدنية.
4.
عدم وجود مهمة محددة أو احترام الجمهور.
وفيما يلي إيضاح
للقضايا الرئيسية التي عادة ما تواجه الحكومات عند وضع البرامج الخاصة بإصلاح
الخدمة المدنية:
4-1-1 المهمة
كثيرا ما يقلل شركاء
التنمية من قيمة القدر الكبير
من الكرامة الوطنية والمسئولية الاجتماعية السائد في الدول النامية. وبينما يعد
وجود توجه لتحقيق مهمة معينة لا يعدو أن يكون مجرد خطوة أولى، فإن وجود هذا التوجه يمكن أن يخلق إحساسا
واضحا بالاتجاه والالتزام
داخل المنظمة سواء، سواء بالنسبة للمنظمة ككل أو لمختلف
إداراتها ووحداتها عن طريق ما يلي:
-
وضع رؤية مشتركة
للإدارة الحكومية.
-
مساعدة المديرين على
إيضاح أفكارهم فيما يتعلق بطبيعة عمل المنظمة.
-
تركيز الاهتمام على
المديرين وعلى غيرهم من العاملين من أجل تحقيق الأهداف التنظيمية.
-
إثارة إحساس العاملين بالانتماء للمنظمة.
-
توفير إطار عمل يحدد
الأهداف العامة وبطريقة أكثر دقة يحدد الأهداف الخاصة.
-
تقديم تفسير واضح
للجمهور عن أسباب وجود المنظمة.
ويعتبر "بيان
المهمة" هو الملمح الرئيسي لتوجّه المنظمة. ويعد توضيح بيان
المهمة جزء من عمل المنظمة تماما مثل نشر وتوضيح
المهمة داخليا وخارجيا. (أنظر مثال سنغافورة).