ملأت كؤوس الناس والعمر ناضب
ولمـــا تــزل تمــلي وغيرك شارب
ولمـــــا تزل تسـقي حقولا تيبست
ســـنابلها واستوبـأتها المشــارب
وتعـــصر أثداء الرمـــال ليرتوي
ســواك وإن لم يرو رحـت تغالب
تــدر علــيه مـن حــنانك وابــلا
وتســتمطر الدنــيا وزهرك شـاحب
فما لك ملسوعا مرارا وغـافرا
لمــن بيــن كفــيه تــدب العقـارب
ومالك لا ترسو وبحرك هادىء
ومـــــالك قد أبحرت واليم غاضب
وكان صهيل الموج يهــدر ثائرا
وحـــــولك من كل الجهات غيـاهب
وتسمع عصف الريح والليل حالك
وتـــرنـو الـى أفـق جــفته الكــواكب
كــأنك لا تــدري الـى أي ســاحل
ستمضي وقد ضاقت عليك المراكب
وأنك لا تــدري مــتى أنـــت قــافل
فـــلا أنت مغــلوب ولا أنت غالب
ارح بالك المشغول في كل لحظة
فمــا جــلبت غير العناء المناصب
عــرفتك أعلى من رئيــس مطوق
وأكــبر مــن مـــكر يغــذيه نـــائب
وأنـبل مـن رهــــــط يسيل لعـابـه
إذا فـــرشت للأعطـــيات الحقــائب
فعـندك مــن فضل الإله سحـــائب
مــن الرشد ســاقتها إليك المواهب
وصـوت يـدوي في الفضــاء بريقه
عنــاقيد نـــور أنضـجتها التجــارب
بسطت به شـرقا وغـربا يـد الهدى
فكـــان لســـانا لــم يـدنســه ثــالب
وفـــــكر إذا كــل العــقول تــثاءبت
تقـــادح فـــيه الصــاحيات اللواهب
ووشيت وجه الدين بالمنــطق الذي
بـــدا وسطــيا بــاركــته المــذاهـب
لمـــاذا إذن تســـعى لأمــر كرهـته
وأمضـيت نصف العـمر فيه تحارب
أتبحـث عن مجـد،، هنا مجدك الذي
سيبــقى وكــل المغريــات ذواهــب
تعـلم مــن الشــابي وكــن مثل طائر
يحــلق حــــرا لا يجــاريــه واثــب
وأمســـك بحــبل الله والــزم طريـقه
ودعهـــم فــإن اللـه لا شـك غـالب
د. عباس الجنابي المستقلة