إلا أن مايجري في بعض بيئات العمل في القطاعات البلدية هو على النقيض تمامآ...إذ تعتمد الميزانيات بمسميات مشاريع جوفاء ليس فيها إلا إسمها وربما موقعها الجغرافي, وتعتمد بقيم لا تلامس الواقع بصلة لتبدأ مرحلة الدراسات والتخطيط وطلب التعزيز المالي بعد ذلك, وكثير من الأمثلة الحاضرة شاهد على ذلك، مما يؤدي إلى تأخير تنفيذ ترسية المشاريع المعتمدة لسنوات وتأخير انجازها، وطول ترقب المواطنين لها رغم الإعلان عنها، وفوق كل ذلك بطء عجلة التنمية ،والسبب الرئيسي لكل ذلك أن مشروع الميزانية المرفوع للجهات ذات العلاقة لم يستند إلى دراسة فنية ولا إلى تخطيط مسبق.
إن التخطيط لأفكار المشاريع وإعداد خطط العمل لمنظومتها المتكاملة هو البذرة الأولى في مراحل الإعداد للمشاريع تمهيدا لاعداد التقديرات واعتمادها في الميزانيات , ويقع على عاتق الادارات الهندسية او الادارات الفنية المشرفة على المشاريع اعداد خطط العمل التي تقود الى اعتماد الميزانيات وليس العكس.
وتبدأ عملية التخطيط للمشروع بتحديد نطاق العمل ( SCOPE ) ،والذي يوضح الغرض من المشروع وهدفه ومكوناته وحدوده الجغرافية ومتطلباته العامة ،وكميات الخدمات والمنافع المطلوبة ،كما يتطلب إعداد جداول التنفيذ والمدد المقررة لانجاز الأعمال المختلفة ومتطلبات الأيدي العاملة.
ويتم الاستعانة ببعض المكاتب الاستشارية لإعداد التكاليف التقديرية الأولية بطريقة علمية ممنهجة ( ORDER OF MAGNITUDE ) ويتم تدقيقها من قبل مهندسي التكاليف في الجهة المشرفة إذ يتم تقدير قيم المشاريع على مستوى المشروع , ومن ثم قيم المشاريع المكملة وفي عقود أخرى , ثم على مستوى القطاع لنوع المشروع ليتم الدمج بعد ذلك في تقرير متكامل يوضح استشراف المشاريع المستقبلية المكملة لها والمنظورة خلال خمس سنوات مقبلة أو أكثر كما يحصل مثلآ في عقود المشاريع المكملة لبعضها البعض مثل إعدادات وتطوير الموقع &SITE; DEV.) SITE PREP. )ثم تشجيرها وإنارتها ،وبناء المرافق العامة كالمساجد والأسواق وتشمل هذه الخطة جداول التنفيذ و المراحل الجوهرية (MILESTONES) كتواريخ الانتهاء من التصاميم، وتواريخ الترسية ،والبدء بالإنشاء ، والهيكل الإنشائي والأنظمة الميكانيكية والكهربائية والتشطيبات وخلافها واستلام المشروع.
كما تشمل الهياكل التنظيمية الإدارية والفنية اللازمة لتنفيذ المشروع ،ومن ثم يتم اعتماد خطة العمل وقائمة المشاريع WORK LIST) (المتضمنة لنطاقات العمل والجداول والتكاليف التقديرية، وتوضع في مجلد متكامل مقسم حسب قطاعات العمل المختلفة كقطاع الطرق , والسفلتة، والإنارة , ودرء أخطار السيول، وتنمية وتطوير المواقع , والحدائق والمتنزهات ،والأسواق والمباني ،وصحة البيئة ،والمرافق العامة ،ونزع الملكيات وهكذا , وترفع بعد المصادقة عليها داخليآ للاعتماد المالي , وبذا تكون الاعتمادات المالية للميزانية مستندة إلى معطيات علمية دقيقة عن المشروعات والفائدة منها والقيم التقديرية لها وتواريخ الترسية والبدء والاستلام، وبذا يتكامل التخطيط الفني مع التخطيط المالي حفاظا على الموارد الاقتصادية والبشرية مما يؤدي إلى توفير الخدمات والمشاريع للمواطنين في أوقاتها المحددة دونما تأخير...م. عباس رضي الشماسي , الاقتصادية مقالات الاقتصادية الإلكترونية