حالة الجزائر
ملخص: هناك عوامل كثيرة تؤثر على أداء البنوك و فاعليتها في تعبئة الودائع و تقديم الائتمان، و بالتالي دورها في تمويل النشاط الاقتصادي، لذلك فسلامة عملياتها و صحة سياساتها تعتبر من المقتضيات الأساسية لتطور ونمو الاقتصاد ذاته واستمرار استقراره و إمكانية تحقيق أهدافه.
وقصد الوقوف على أداء النظام البنكي الجزائري بشكل عام و تحديد دوره، و ما هي العوامل المؤثرة عليه سلبا وإيجابا و ذلك حتى نتفادى السلبيات و نثمَن الإيجابيات و نحدد مواطن الخلل عل المستوى النقدي وستحاول هده الدراسة إبراز بعض هده المؤشرات.
الكلمات المفتاحية: النظام المصرفي، تمويل التنمية، الادخار، الاصلاحات، الودائع المصرفية،الطاقة الايداعية ، الوعي المصرفي، انتشار البنوك، الكثافة المصرفية، التطور المالي ، الفاعلية.
مقدمة:
إن طرح قضية التنمية في أي مجتمع يرتبط بطرح القضايا المتعلقة بتمويلها، من حيث الأساليب والأجهزة وبوجه خاص من خلال الدور الذي يمكن أن تلعبه الإدارة السليمة للجهاز المصرفي للاضطلاع بهذا العبء، ومدى إمكانياته في تغيير أوضاعه وسياساته بما يمكنه التكيف مع الأوضاع المطلوبة لتنمية المجتمع، فيمكن للبنوك أن تلعب دورا أساسيا في تمويل التنمية الاقتصادية من خلال تجميع الموارد المختلفة ثم توجيهها إلى أوجه الاستخدام و الاستثمار المناسبة.
وقد تأكد دور النظام المصرفي من خلال ما قدمه من خدمات أصبحت واحدة من أهم دعائم التنمية الاقتصادية وبدونها لا يستطيع أي اقتصاد معاصر أن يؤدي وظيفته، ونظرا لكون الطلب على خدمات النظام المصرفي طلبا مشتقا من حاجة التنمية الاقتصادية، فبذلك يمكن القول أنه كلما اتسعت حدود التنمية زادت الحاجة إلى وجود نظام مصرفي أكثر تطورا وأوسع خدمات، حيث يشكل مع المؤسسات الوسيطة والأسواق المالية شكل هيكل الائتمان الادخاري للاقتصاد الوطني.
وليس ثمة شك أن تحقيق معدلات نمو اقتصادي متزايدة وقابلة للاستمرار يتطلب إزالة العوائق التي تواجه عملية التنمية الاقتصادية والنمو الاقتصادي، و لعلَ أهم تلك العوائق هو قصور مصادر التمويل ورأس المال الكافي لتمويل المشروعات الاستثمارية الخاصة وخطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
في ظل غياب سوق حقيقي لرأس المال تعد البنوك من المؤسسات المالية ذات الأهمية البالغة في النشاط الاقتصادي،وقد تعددت الأراء والاتجاهات حول أداء وفاعلية النظام البنكي في النشاط الاقتصادي إلا أن استقرار النظام المصرفي وقدرته على تحقيق التوازن بين نشاط الادخار والاستثمار يتم عن طريق تحقيق أهدافه المتمثلة أساسا في الربحية ومواجهة مخاطر الاستثمار وضمان ملاءة رأس المال.
وهناك عوامل كثيرة تؤثر على أداء البنوك وفاعليتها في تعبئة الودائع و تقديم الائتمان، و بالتالي دورها في تمويل النشاط الاقتصادي، لذلك فسلامة عملياتها و صحة سياساتها تعتبر من المقتضيات الأساسية لتطور ونمو الاقتصاد ذاته واستمرار استقراره و إمكانية تحقيق أهدافه.
من منطق ما سبق نحاول الوقوف على أداء النظام البنكي الجزائري.
1- إصلاحات الجهاز المصرفي بعد 1990:
1-1 قانون النقد والقرض :
على الرغم من التعديلات التي أدخلت على القانون المصرفي بعد عام 1986 اتضح أنها لا تتلاءم مع الوضعية الاقتصادية الجديدة، فجاء القانون المتعلق بالنقد والقرض 90-10 المؤرخ في 14 أفريل1990 والذي أعاد التعريف كلية لهيكل النظام المصرفي الجزائري، وجعل القانون المصرفي الجزائري في سياق التشريع المصرفي الساري المفعول به في البلدان الأخرى لا سيما البلدان المتطورة، فوضع التعريف بالقانون الأساسي للبنك المركزي ونظَم البنوك والقرض في آن واحد، فهو:
- يجعل هيكلة النظام المصرفي أرضية لعصرنته، يعطي للبنك المركزي استقلاليته، يمكن للبنك المركزي من استعادة صلاحياته التقليدية الخاصة بالبنوك المركزية، يزيل كل العراقيل أمام الاستثمار الأجنبي.
§ أهداف قانون النقد و القرض: يسعى قانون النقد والقرض إلى تحقيق الأهداف التالية:
- إعادة صنع قواعد اقتصاد السوق وإعادة تأسيس ملاءة مؤسسات الدولة والبنوك.
- محاربة التضخم ومختلف أشكال التسربات.
- تعويض عوامل الإنتاج.
- وضع نظام مصرفي عصري وفعَال في تعبئة وتوجيه الموارد.
- عدم التميز بين الأعوان الاقتصادية في منح القروض.
§ المحاور الأساسية لقانون النقد والقرض:
- النصوص المتعلقة ببنك الجزائر واستقلاليته ومسؤولياته، المواد: 4، 11، 13، 14، 15، 16، 58.
- النصوص المنظمة للبنوك ودورها في الوساطة والتمويل، المواد: 15، 92، 110، 113، 118، 156.
- المؤسسات المالية ودورها، المواد: 111، 115، 116، الفروع الأجنبية، المواد: 127، 130.
- هيئة إدارة ومراقبة بنك الجزائر، المادة: 19. مجلس النقد والقرض، المواد: 32-50. مركز المخاطر، المواد: 160.
- لجنة الرقابة المصرفية، المادة: 144-157.
§ الأجهزة الجديدة في هذا القانون:
1. هيئة إدارة ومراقبة البنك المركزي.
2. مجلس النقد والقرض.
3. اللجنة المصرفية.
§ مهام وعلاقات بنك الجزائر:في إطار قانون النقد والقرض أصبح البنك المركزي يحمل اسم بنك الجزائر وهو مؤسسة وطنية تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي، وحدَد هذا القانون مهامه وصلاحياته ،وعلاقاته مع البنوك والمؤسسات المالية وبدلك استرجع امتيازاته كمؤسسة اصدار وادخل تنظيما جديدا للضوابط والنسب التي فرضت على البنوك المتابعة ووضع اللوائح التبصيرية ودراسة الأهلية والقابلية والاستمرار.
§ أدوات و ميكانزمات التنظيم:
شكَل قانون النقد والقرض دعامة مؤسسية أداتية وعملية عن طريق مجموعة من الأهداف الصارمة لتحقيق التوازن، وسمح بظهور إطار قانوني جديد وتنظيم جديد للقطاع المالي يستند إلى ميكانزمات السوق حيث فرَق في المرحلة الأولى بين الحقل الميزاني والحقل النقدي، وبالتالي تسترجع الخزينة وظيفتها كأمين لصندوق الدولة، وجعل حدًا لميكانزمات العودة الآلية للبنوك.
والبنوك مجبرة على تنظيم نشاطها وإعادة تأهيل السيولة النقدية للبنوك وللبنك المركزي، والوظائف البنكية للقرض وتسيير الأخطار، وأقام التنظيم الجديد حمايةً للمدخرين عن طريق الشفافية المحاسبية للنظام البنكي، حيث أطرت بأنواع المحاسبة والإحصاءات ونشر المعلومات.
أما فيما يخص الابتكارات فقد أدخل القانون مؤسسات، أدوات وميكانزمات السوق غير المعروفة سابقا في الجزائر في مجال عرض و طلب رأس المال وأظهرت ترتيباته بروز أنشطة مع ذلك تقليدية في البنك، و سجلت في محوري التدخل الوساطة البنكية والأسواق المباشرة (نقدية، مالية، الصرف)، و قامت البنوك بفتح العديد من الأنشطة المالية الجديدة التي ستطور الوساطة إلى المالية الإجمالية و المرونة.
2- أداء البنوك في ظل المحيط الاقتصادي الجديد
2-1 وضعية النظام المالي و متطلبات الانتقال إلى اقتصاد السوق
إن نجاح التحول من الاقتصاد المخطط إلى اقتصاد السوق يحتاج إلى تطوير المؤسسات الضرورية وقيام الحكومات بدورها الملاءم، و إن المقومات الأساسية لنجاح ذلك هي وضع برامج للاستقرار الاقتصادي و التصحيح الهيكلي، و يعني الانتقال إلى اقتصاد السوق:
- تحرير النشطة الاقتصادية والأسعار وعمليات السوق إلى جانب إعادة تخصيص الموارد لأكثر الاستخدامات فاعلية.
- استخدام أدوات غير مباشرة متجهة نحو السوق لتحقيق الاستقرار للاقتصاد الكلي.
- تحقيق إدارة فعَالة للمشروعات وكفاءة اقتصادية و يكون ذلك من خلال الخوصصة.
- فرض قيود مشددة على الميزانية مما يوفر الحوافز لتحسين الكفاءة.
- إرساء إطار مؤسسي وقانوني.
و لا يكتمل التحول إلى اقتصاد السوق حتى تقوم مؤسسات مالية جيدة التطور و توجهها حوافز ملاءمة.
فالانتقال إلى اقتصاد السوق يتطلب وضع قطاع مصرفي متطور يتعامل على أساس علاقات جيدة مع باقي القطاعات الاقتصادية، و لكن القطاع المالي الجزائري يبقى ضعيفا نظرا للخصائص التالية التي يتميز بها:
- عجز في التسيير (التنظيم، التأطير، ضبط التحول).
- عدم الكفاءة في تقدير الأخطار لعدم أهلية وكفاءة البنوك وجدارتها الائتمانية.
- عجز نظام الإعلام، التسويق و الاتصال.
- غياب المنافسة، التأخر في التحديث خاصة التكنولوجي.
ويتميز كذلك بضعف دوره في الوساطة المالية واقتصار نشاطه في القيام بالوظائف المحاسبية كتسجيل حركات التدفقات النقدية، إعادة الخصم و تسيير حسابات المؤسسات العمومية، ضعف دور الجهاز المالي في جمع الادخار، و الاعتماد الكبير على موارد الإصدار النقدي و الاقتراض الخارجي في ظل غياب سوق نقدي.
فأثار الاختلالات ملاحظة على مستويات كثيرة مما أضعف فاعلية الخدمات البنكية خاصة على مستوى تجميع الموارد.
وحسب المجلس الاقتصادي والاجتماعي فالنظام البنكي يبقى عقدة سير النظام الوطني، وكذلك بسبب عدم توافق الإصلاحات البنكية مع برامج الإصلاحات الاقتصادية الوطنية، و اتساع حجم الاقتصاد الموازي.
2-2 الإجراءات الداخلية لإصلاح البنوك: تخضع البنوك إلى ثلاثة أشكال من التنظيم و العمل:
- بصفتها مؤسسات عمومية اقتصادية: تخضع لقانون رؤوس الأموال السوقية و تخضع للتوجهات المالية للدولة.
- بصفتها بنوك أولية: خاضعة لقانون النقد والقرض و توضع تحت إشراف الدولة المنظمة.
- بصفتها شركات أموال: تستجيب لضوابط القانون التجاري و المدني.
أما الإجراءات الكلية التي قامت بها الدولة فهي 10:
§ إعادة الاعتبار La Réhabilitation: و هدفها هو خلق جو مناسب للادخار والاستثمار والنمو.
§ المحاور الكبرى لإعادة الهيكلة البنكية: أصبح النظام البنكي بعد سنوات 90 في مواجهة11:
التنظيم الحذر لهذه الأنشطة، تنظيم إعادة التمويل عن طريق السوق و الادخار، فتح السوق للمنافسة الخاصة.
إذًا فاستراتيجية الخروج من الأزمة و إعادة هيكلة القطاع تتمحور في إعادة الاعتبار للبنوك، انفصال الدولة وإعادة تمركز و تموضع نشاطاتها، مما سيطرح خيار خوصصة هذا القطاع والنشاط الاقتصادي بشكل عام.
2-3 الإجراءات الخارجية في إصلاح البنوك - قواعد الحيطة والحذر وإدارة المخاطر المصرفية -
يعتبر التنظيم الحذر للأخطار محور أساسي في إستراتيجية البنوك المركزية لضمان استقرارية الأنظمة المصرفية، حيث يسهر بنك الجزائر على رقابة مدى التزام البنوك والمؤسسات المالية بالحد الأدنى من قواعد الحيطة والحذر المطبقة عليها والتي تسمح لها بتحليل مستمر لمردوديتها، ملاءتها، سيولتها، مرونتها وتكيفها مع المحيط التنافسي الجديد.
والمخاطر المصرفية: خطر القرض، خطر السيولة، خطر معدل الفائدة وخطر سعر الصرف.
قواعد التنظيم الحذر: يهدف بنك الجزائر من خلالها إلى:
- التحكم في الأخطار المصرفية بمختلف أنواعها مع التركيز أكثر على خطر القرض.
- احترام المنافسة حيث التنظيم يعمل بمبدأ عدم التمييز بين البنوك.
- انسجام التنظيمات الجديدة في المدى البعيد مع أهداف اللجان و المنظمات الدولية.
- استقرار و تدعيم النظام المصرفي .
و تتعلق القواعد المؤسسة عن طريق بنك الجزائر لضمان توازن البنوك ما يلي 12:
- نسبة الملاءة الإجمالية و التي هي اليوم: 8%.
- نسبة مقسم الأخطار: و ذلك لاستبعاد صعوبات تقدير الزبائن.
- نسبة السيولة: و ذلك لمقابلة خطر السيولة و قد حددت بـ: 0.6.
و هناك شروط أخرى خارجية تتعلق بالسير الطبيعي للبنك و هي: علاقة البنك بالدولة ، مع مؤسسة الإصدار والوصاية الوزارية.
3- تقييم أداء المصارف في جذب الودائع
3-1 الودائع المصرفية و تغيرات الناتج المحلي الإجمالي
قصد التعرف على طبيعة النمو في الودائع المصرفية و تطورها خلال الزمن و دراسة العلاقة التي تربط الودائع المصرفية و الناتج المحلي الإجمالي (PIB) سندرس الميل المتوسط للودائع المصرفية، حيث يعكس قدرة وفاعلية المصارف التجارية في جذب الودائع وفقا لحصتها من الناتج المحلي الإجمالي، وهو مؤشر مهم لقياس قوة المصارف التجارية وكذلك الأسواق المالية، حيث يشير Tyboutإلى أن قوة الأسواق المالية في أي اقتصاد تقاس بنسبة الودائع لأجل وللتوفير (الادخارية) إلى الناتج المحلي الإجمالي، ونستطيع من تحليل هذا المؤشر أن نقيم أداء المصارف واستراتيجيتها في تحفيز الطلب على الودائع المصرفية بشكل عام والودائع الادخارية بشكل خاص، أما مؤشر الميل الحدي للإيداع المصرفي يقيس معدل التغير في الإيداع المصرفي الناتج عن تغير الناتج المحلي الإجمالي، وعن طريق هذا المؤشر تستطيع المصارف التجارية أن تحدد مدى قوتها في تغيير اتجاهات الميل نحو الإيداع المصرفي أو مدى ضعفها في ذلك مما يحتَم عليه تثبيت أو تغيير السياسة المعتمدة و الإستراتيجية المطبقة و التي بموجبها يتم تحفيز الطلب على الودائع المصرفية 13.
نلاحظ من الجدول رقم1 أن الودائع في ازدياد مستمر حيث ازدادت بنسبة تفوق 450% بين1990، 2000 و نلاحظ كذلك ازدياد الودائع تحت الطلب والودائع لأجل، حيث حتى سنة1994 كانت الودائع تحت الطلب تشكل النسبة الأكثر ثم بعد 1994 ازدادت أهمية الودائع لأجل في تكوين الودائع و هذا شيء إيجابي. وقد سجلت سنة 2000 أحسن مصرفة للاقتصاد الوطني، حيث نمت ودائع الأسر لدى البنوك وازدادت بنسبة 20% عام 1999 و 25% عام 2000 14.
و تُظهر نتائج الميل المتوسط للودائع المصرفية أن هناك تذبذب، مما يبين نقص فاعلية البنوك في تحفيز الطلب على الودائع المصرفية خاصة الادخارية منها، فلابد من تحسين معدلات الفائدة وأشكال الأوعية الادخارية المعروفة.
أما نتائج الميل الحدي للإيداع المصرفي تظهر متذبذبة وغير منتظمة، فدرجة استجابتها لتغير الناتج المحلي ضعيفة، فلابد من زيادة فاعلية السياسات المتبعة حتى تستطيع البنوك تغير اتجاهات الميل نحو الإيداع المصرفي و تحفيز الطلب على الودائع المصرفية، و لتحقيق ذلك لابد من:
وجود سياسة ادخارية واضحة من قبل البنوك، وجود سياسات مرنة تتناسب مع تطور النشاط الاقتصادي، تحفيز الودائع المصرفية عن طريق معدلات الفائدة ، وجود خدمات متعددة لتحفيز الأفراد على الإيداع.
3-2الإئتمان المقدم للقطاع الخــاص :
نلاحظ من خلال الجدول رقم 2 أنه يظهر ضعف نسبة الإئتمان المقدم للقطاع الخاص في الجزائر .
3-3 معامل المرونة الدخلية للودائع المصرفية
يبرز مفهوم المرونة الدخلية للودائع المصرفية كأحد المعايير التحليلية لتقييم الأداء المصرفي في تعبئة المدخرات من خلال جذب الودائع، وينصرف هذا المفهوم إلى تحديد درجة استجابة الودائع المصرفية للتغير الذي يحصل في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي باعتباره أحد مؤشرات الاقتصاد الكلي، وهل هذه الاستجابة منتظمة أو غير منتظمة.
الطاقة الإيداعية للاقتصاد عموما، ومنها يمكن الحكم على الإيداع المصرفي بأنه يستجيب بصورة نظامية للتغيرات في الدخل الحقيقي إذا كان يزيد عن (1) والعكس إذا قل عن (1) فتأثير الودائع بالدخل الحقيقي تأثيرا ضعيفا، وعلى المصارف وهي تهدف إلى جذب المزيد من الودائع أن تجعل ودائعها أكثر مرونة لما ينطوي عليه ذلك من زيادة إمكانيات توليد موارد مالية كافية لتمويل مطالب الاقتصاد وهو ما يعني أيضا مؤشر لدرجة استخدام التمويل الذاتي للاقتصاد الوطني 15.
و ما يمكن ملاحظته من الجدول رقم 3 أن استجابة الودائع للتغير الذي يحدث في الناتج المحلي الإجمالي هي استجابة غير منتظمة فتارة تكون أقل من (1) مما يعني استجابة ضعيفة، وتارة أكبر من (1) مما يعني أنه يستجيب لتغيرات الناتج المحلي الإجمالي وما يمكن أن نستنتجه من ذلك ضعف مرونة الإيداع المصرفي بشكل عام و الودائع الادخارية بشكل خاص، وعدم استقرار وعدم وجود اتجاه عام لحركة الودائع، وهذا الضعف وعدم الاستقرار دليل على ضعف ارتباط الودائع المصرفية بتغيرات الدخل الحقيقي من جهة وضعف دور المصارف التجارية في جذب المزيد من الودائع المحلية رغم أن المنطق يقتضي أن تصاحب كل زيادة في الدخل زيادة أكبر في معاملات الأفراد مع المصارف التجارية،كما تعبَر عن ضعف فاعلية الأوعية الادخارية المطروحة من النظام المصرفي بشكل عام و المصارف التجارية بشكل خاص، و إن نقص الخدمات المصرفية عموما هو ما يعطي استنتاجا عن ضعف و محدودية المصارف في جذب الودائع وتعبئة المدخرات.
3-4 نصيب الفرد من الودائع المصرفية ومقارنته بنصيبه من الناتج المحلي الإجمالي
كلما زاد نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي كلما زاد نصيبه من الودائع المصرفية و العكس صحيح، والانخفاض فيه يرجع إلى ضعف دور المصارف التجارية في تحفيز الطلب على الودائع المصرفية لديها، ويشير في حالة انخفاضه رغم الارتفاع في نصيبه من الناتج المحلي الإجمالي إلى الاتجاه الاستهلاكي للأفراد، مما يعني أن هناك مجالا واسعا أمام المصارف لتحفيز الأفراد بمختلف طرق التحفيز 16.
و عبَرنا في الجدول رقم: 4عن قيمة نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، حيث نلاحظ أن هناك ارتفاعا مستمرا وهذا راجع إلى تخفيض قيمة الدينار، فيظهر كنتيجة لذلك أن نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي قد ارتفع، ونصيبه من الودائع ارتفع كذلك مع وجود عدم انتظام بينهما مما يدل على ضعف دور النظام المصرفي بشكل عام والبنوك التجارية بشكل خاص في تعبئة وجذب الودائع المصرفية وبالتالي تعبئة مدخرات الأفراد، وهذا ما يشير إلى ميل الأفراد للاستهلاك بسبب انخفاض القوة الشرائية للدينار و بسبب التضخم، فالزيادة في نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي ليست حقيقية، وبالتالي فهناك مجالا واسعا أمام البنوك لتعبئة وجذب المزيد من الودائع.
4-: قدرة البنوك على تغطية النشاط الائتماني وتوظيف المدخرات المحلية
4-1 أهمية الودائع في تغطية النشاط الائتماني
يعكس هذا المؤشر مدى اعتماد المصارف التجارية على الودائع في تمويل نشاطها الائتماني والاستثماري والمبدأ في هذا المعيار هو وجود علاقة ترابطية طردية ودائمة وفقا للعلاقة التلقائية بين الودائع والائتمان.
يشير الارتفاع في أهمية تغطية الودائع المصرفية للنشاط الائتماني و الاستثماري إلى قدرة المصارف في استخدام أموال المدخرين لتغطية حاجات القطاعات الاقتصادية مما يعكس التحسن المطلق في القدرة على جذب الودائع، والعلاقة المنخفضة تعكس تدهور القدرة الإيداعية للمصارف التجارية بشكل لا يتناسب و الاتجاهات المصرفية الائتمانية والاستثمارية، مما يعني لجوءها إلى السيولة المتاحة لتغطية وتعويض عجز الودائع، ومما لا شك فيه أن استمرار برامج التنمية الاقتصادية والرغبة بمعدلات أكبر للنمو في غالبية الاقتصاديات تقتضي الرفع في معدل النمو في الائتمان المصرفي عموما والائتمان طويل الأجل بشكل خاص، الأمر الذي يتطلب تنمية سريعة للودائع الادخارية من قبل المصارف التجارية مما يتطلب إستراتيجيات شاملة من خلالها يتم تعبئة أكبر مقدار ممكن من تلك الودائع من خلال جذب المزيد من الأموال الطليقة في الاقتصاد 17، و قد برهنت النظرية النقدية على أن جزءا من الائتمان المصرفي الممنوح لتلك القطاعات يعود مرة أخرى إلى النظام المصرفي بشكل ودائع جديدة، ويقتضي أن يكون مستوى الائتمان المصرفي متوافقا مع الحاجات الفعلية للنشاط الاقتصادي ومتناسبا مع خطط التنمية لتحقيق الاستقرار والنمو الاقتصادي.
وفي الجدول رقم: 5 من الخانة رقم (2) نستنتج تدهور القدرة الإيداعية للبنوك في سنوات 90 إلى1995 حيث النسبة تتراوح في حدود50% و هي لا تتناسب والاتجاهات الائتمانية والاستثمارية، وهذا يعني لجوء البنوك إلى استعمال السيولة المتاحة لتغطية وتعويض عجز الودائع، أما انطلاقا من سنة1996 نلاحظ أن النسبة ترتفع وتصل إلى أكثر من80% وتبين أهمية تغطية الودائع للنشاط الائتماني والاستثماري، وابتداء من سنة 1995 نسجل ازدياد أهمية الودائع لأجل باعتبارها ودائع ادخارية في تغطية النشاط الائتماني، ولكن لم تتجاوز في كل هذه الفترة نسبة 50% ، مما يبين أنه ما زال هناك مجالا لتنمية هذا النوع من الودائع وجذب المزيد منها بغرض خدمة الاستثمار والتنمية، وانطلاقا من مؤشرات المرونة تبين أن فاعلية البنوك محدودة في تمويل التنمية الاقتصادية، فالارتفاع فالقيمة عن الواحد(1) يبين التوسع في الائتمان، وهذا التوسع لم يتناسب مع توسع مماثل في حجم النشاط الاقتصادي، مما قد يولَد ضغوطا تضخمية و يؤثر سلبا على معدلات النمو الاقتصادي، و الانخفاض في القيمة عن (1) يبين حالة الانكماش حيث تكون شديدة إذا ابتعدت كثيرا عن (1) كما في سنة 1994، وكذلك ما يظهره الميل المتوسط والحدي والمرونة أن الأرقام متذبذبة مما يبيَن التناسب غير العادي بين الائتمان المصرفي و النشاط الاقتصادي، و بالتالي فالسياسة الائتمانية للبنوك كانت متذبذبة بين المرونة والتشدد.
4-2 الأرقام القياسية للتطور المالي:
ويظهر الجدول رقم 6و7 بشكل عام أن الجزائر تتميز بمستوى تطور مالي منخفض وذلك يدل على ضعف جهود الإصلاح، مع ضعف في التنظيم والرقابة وفي مجال الإنفتاح المالي، وبشكل عام كان الأداء ضعيفا في مجال تطوير بيئة مؤسسية قوية وقطاع مالي غير مصرفي .
4-3 قياس الوعي المصرفي، انتشار البنوك والمنافسة في القطاع البنكي الجزائري
1- قياس كفاءة البنوك والمؤسسات المصرفية في جذب المدخرات ( الوعي المصرفي ):
يعرَف الوعي المصرفي بأنه اعتياد الأفراد والقطاعات الاقتصادية على إيداع أرصدتهم النقدية في المصارف واعتمادهم على الشيكات المصرفية في معاملاتهم الاقتصادية، ويرتبط الطلب على الودائع المصرفية بصورة إيجابية مع انتشار الوعي المصرفي والعكس يؤدي إلى التحول إلى الاكتناز 18، ولقياس كفاءة البنوك والمؤسسات المصرفية في جذب المدخرات يلجأ الاقتصاديون والمحللون الماليون إلى مؤشر نسبة العملة المتداولة خارج الجهاز المصرفي إلى إجمالي الودائع، فإذا كانت أقل من الواحد الصحيح فذلك مؤشر سليم على أن البنوك تمثل القناة الصحيحة التي تتم من خلالها معظم المبادلات والمعاملات، كما تدل على قدرة البنوك التجارية في توظيف المدخرات المحلية لدى الأفراد، وإذا كانت أكبر من الواحد فذلك مؤشر على انخفاض كفاءة البنوك في جذب المدخرات بين الأفراد والمؤسسات. وإذا بحثنا ظاهرة التسرب النقدي وظاهرة الاكتناز نجدها متجدَرة في الاقتصاد الجزائري، حيث قد سجَل تسرب النقود القانونية خارج الجهاز المصرفي مبلغ 77 مليار د.ج بين ديسمبر 90 و ديسمبر1993 مما أدى إلى تآكل السيولة المصرفية و انخفاض حجم الأموال المعروضة للإقراض على مستوى السوق النقدي، وسجَل تسرب النقود القانونية خارج الجهاز المصرفي سنة 1994 بـ: 222.98مليار د.ج بنسبة 30.8% من M2 (الكتلة النقدية)،و 241.76 مليار د.ج سنة 1995 بنسبة31.23% 19 واستمر نشاط الجهاز المصرفي بقوة و فعالية إذ شكل حوالي 25% من PIB.
2- انتشار البنوك:
تحدت الكثير من المصرفيين عن مبدأ الانتشار، وهناك نماذج تناولت عملية الانتشار بطريقة أو بأخرى فمثلا نموذج كاميرونCameron الذي وُضع عام 1967 حيث ينص أن لكل 10000 شخص فرع واحد لبنك، مبدأ هذا النموذج مبني على عرف دولي حيث يتم قياس عدد الفروع ببساطة من خلال المعادلة:
إذا كان يساوي (1) فهو العدد المثالي للتوزيع، وإذا كان أكبر من (1) فهناك انحراف موجب بمعنى هناك انتشار كبير للمصارف، وقد يكون هذا الانتشار أكبر من الحاجة إليه مما يشكَل عبئا كبيرا من حيث التكلفة على المصارف، وبالتالي انخفاض ربحية البنك، أما إذا كان أقل من (1) فهناك انحراف سلبي بمعنى انتشار البنوك حسب هذا النموذج غير كافية وبالتالي لا تصل الخدمة المصرفية إلى شريحة معينة من الناس ممن هم في حاجة إلى هذه الخدمة ( وقد طوَر هذا النموذج إلى الأخذ بعدد السكان المنتجين فقط) 20.
وقد سجلت الجزائر نسبة 0.22 إذ تعد هذه النسبة ضعيفة، إذ سجل المغرب خلال نفس الفترة أي1986 نسبة 0.35 ، أما السعودية فقد سجلت 0.45 21، أما في الفترة الحالية، فقد تم تسجيل1250 فرع 22، و عدد السكان 30 مليون نسمة فالنسبة تقدر بـ 0.41 فرغم ارتفاعها إلا أن انتشار البنوك غير كافي، وبالتالي لا تصل الخدمة المصرفية إلى شريحة كبيرة من الناس، فهناك فرع بنكي لكل 24000 شخص، مما يعني أن هناك نقص كبير.
3- المنافسة في القطاع البنكي:يتميز السوق الجزائري بالوجود القوي للقطاع العام، وقد سمح بدخول القطاع الخاص ابتداء من سنة 1990، وفي سنة 1999 أصبح النظام المصرفي يتكون من بنك الجزائر ،17 بنكا تجاريا و10 مؤسسات مالية أخرى، ولكن ما زالت البنوك العمومية تسيطر على قطاع البنوك، فنصيبهم الإجمالي يقدر بحوالي 95%، و يبقى النظام المصرفي يشكل نسبة قليلة من الناتج المحلي الإجمالي تقدر بـ: 30% من PIB 23.
4-4 أسعار النفط (العوائد النفطية) وحركة الودائع والقروض
من الجدول رقم: 8 تؤدي العوائد النفطية دورا هاما في حركة النشاط الاقتصادي بما تعكسه من تحسن في وضع الإيرادات الحكومية ومن تم الإنفاق الحكومي و الذي يعتبر عاملا مهما في تنشيط الحركة الاقتصادية في جميع القطاعات، فلها دور كبير في النشاط الاقتصادي للدولة، فيتحسن الوضع الاقتصادي بتحسنها، ويتراجع بتراجعها.ومن المفروض أن يصاحب الانتعاش الاقتصادي ارتفاع في حجم الائتمان والودائع، و بمقارنة حركة الودائع والقروض مع حركة العوائد نتبيَن بشكل عام أنها لم تأخذ منحى إيجابي، مما يبين أن السياسات المالية بشكل عام غير هادفة إلى تحقيق الاستقرار في القطاع المصرفي بما يحافظ على دوره في النشاط الاقتصادي.
5- القطاع المصرفي والظروف الاقتصادية
5-1 معدلات الفائدة وأثرها على الودائع المصرفية
أكدت العديد من الدراسات والتحليلات إلى وجود علاقة مباشرة بين معدل الفائدة ومستوى الادخار المصرفي، والشواهد المصرفية توحي بزيادة الطلب على الودائع المصرفية مع زيادة معدلات الفائدة الحقيقية خصوصا عندما تصبح معدلات الفائدة إيجابية، وتكون معدلات الفائدة موحية إذا كانت أكبر من معدل التضخم، وحتى يكون لمعدل الفائدة دور مؤثر في تحفيز المدخرات فالأمر يتطلب تصحيح الإختلالات بين معدل الفائدة المعلن ومعدل الفائدة الحقيقي الذي يعكس الظروف النقدية والاقتصادية للبلاد 24.
أما في الجزائر فمعدل الفائدة لم يعبر عن الحقيقة الاقتصادية طوال سنين، وقد جعلت منه معدلات التضخم معدلا سالبا، وعليه فلا يعبر معدل الفائدة في الاقتصاد الجزائري المقابل للتخلي عن النقود في الحاضر للحصول على أكثر منها مستقبلا، ولا معدلا مغريا للمقرضين، و إنما يمثل أداة إدارية لا غير25، كما أنه من بين أهداف البنك المركزي المحافظة على الاستقرار النقدي والاقتصادي، فيقوم بتنظيم كمية الائتمان ونوعيته عن طريق معدلات إعادة التمويل وإعادة الخصم ليتجاوب مع احتياجات التنمية الاقتصادية، ويراقب البنوك بما يضمن سلامة النظام البنكي، وكل هذا للتأثير على أداء البنوك.(انظر الجدول رقم 9 و 10)
5-2 أثر التضخم والمديونية على حجم الودائع والائتمان
إن مما يترتب على التضخم انخفاض القوة الشرائية للعملة، ولا يعتبر ذلك مؤشرا حقيقيا على مدى كفاءة البنوك في جذب المدخرات، فالتضخم وما يسببه من تدهور في القوة الشرائية يخلق جوًا نفسيا يساعد على زيادة الاستهلاك، مما يضعف رغبة الفرد في الادخار بشكل عام، ويفقد اتجاهه نحو الأوعية الادخارية كما أكدته بعض الدراسات، وعلى نقيض من ذلك يؤكد البعض على أن التضخم وتوقعات ارتفاع معدلاته إنما يؤدي إلى زيادة المدخرات وزيادة الطلب على الأوعية الادخارية والمصرفية ويسمى بالادخار الوقائي، وعموما فإن للتضخم أثرا في زيادة الطلب على الودائع المصرفية، حيث ثبت من دراسة تحليلية أن زيادة معدلات التضخم في أوروبا بنسبة 10% أدى إلى زيادة معدلات الادخار من قبل الأفراد بنسبة 5% 26 ، ويظهر في الجزائر أن لها أثرا سلبيا على حركة الإيداع، حيث الارتفاع فيها حتى سنة 1994 أدى إلى تراجع الودائع، ثم لماَ انخفض التضخم سجلنا زيادة في حركة الودائع. أما بالنسبة للمديونية، فإنه كلما زادت إنتاجية وإنتاج الاقتصاد الوطني ينعكس ذلك على درجة سيولته و العكس، فالاعتماد على العالم الخارجي يخفَض من درجة سيولة الاقتصاد ويؤدي إلى تسرب جزء كبير من فائضه إلى خارج الجهاز المصرفي وخارج الاقتصاد في صورة سداد للأقساط والوفاء بالواردات، مما أثر سلبا على الإيداع والائتمان.
5-3 مشكلة وتكاليف فاعلية النظام البنكي
لاحظنا أن هناك العديد من العوامل أثرت سلبا على فاعلية النظام البنكي، ويمكن أن تحلَل عدم فاعلية النظام البنكي بالنظر إلى الوساطة المالية علة مستويين 27: على مستوى المخطط المالي وعلى مستوى المخطط الاقتصادي.
- عدم الفعالية المالية: فاعلية نظام الوساطة المالي تقاس بتكاليف إنتاج الخدمات، والنظام الأكثر فعالية هو الذي يعرض خدمات تستجيب أكثر للطلب وحاجات الأعوان الاقتصادية، و في الجزائر هذه التكاليف مرتفعة، وضعف تنوع الخدمات المقدمة ويعتبر الإعلام جرح النظام الجزائري.
- عدم الفعالية الاقتصادية: النظام البنكي ليس فعَالا في تخصيص الموارد بسبب ضعفه وغياب محيط تنافسي إستراتيجي للانفتاح نحو اقتصاد السوق، فهناك فجوات تتعلق بـ: 5 وظائف أساسية في البنوك: تجارية، تسيير وسائل الدفع، تسير القروض، مراقبة التسيير، تسيير الموارد البشرية و تسيير الخزينة.
وحسب عبد اللطيف بن اشنهو وزير المالية السابق إن تطهير البنوك يتطلب 1274 مليار د.ج وهو ما يقارب 15.5 مليار دولار 28، وحسب عبد الوهاب كيرمان حاكم البنك الجزائر السابق فقد تم صرف 980 مليار د.ج لتطهير المؤسسات العمومية، 367 مليار د.ج وُجَهت لمعالجة مشاكل المؤسسات البنكية، 111 مليار د.ج فوائد غير مسدَدة للبنوك في إطار التطهير السابق، 88 مليار د.ج لإعادة رسملة البنوك 29،وتطهير القطاع المصرفي كلَف الخزينة 518 مليار د.ج ( إعادة رسملة 340مليار د.ج، وعملية تطهير البنوك تمثل 60% من الدين الداخلي للجزائر) 30.
إذًا فالنظام المصرفي في الجزائر لا يتجاوب مع التحولات الاقتصادية التي يشهدها العالم، والانتقال نحو اقتصاد السوق يقتضي وجود جهاز مصرفي فعَال وتنافسي تخضع من خلاله البنوك والمؤسسات المالية إلى برنامج إصلاحي شامل محوره الأساسي تطهير هذه البنوك والمؤسسات المالية، من خلال منحها الشروط التي تسمح لها بالتطور، تحقيق النجاعة في الأداء، تحديث طرق تسييرها ونمط عملها، الشراكة لاكتساب الخبرة، تحديث طرق التسيير، تنويع الخدمات، الاستفادة من الشبكة المعلوماتية، التكيَف مع التقنيات المصرفية الحديثة وتطوير المنتجات المصرفية.
الخلاصة
بعد التعرف على طبيعة النمو في الودائع المصرفية، و علاقة الودائع مع الناتج المحلي الإجمالي بدراسة الميل المتوسط والحدي للإيداع المصرفي، ودراسة المرونة الدخلية للودائع المصرفية، ومدى تغطية الودائع للنشاط الائتماني.
نسجل ضعف فاعلية البنوك في جذب الودائع وفقا لحصتها من الناتج المحلي الإجمالي، وضعفها في تغيير الميل نحو الإيداع المصرفي، مما أثر سلبا على الطاقة الإيداعية للاقتصاد عموما، وبالتالي ضعفها في تعبئة المدخرات وجذب المزيد من الودائع، وقد سجَلنا تدهور القدرة الإيداعية للبنوك خاصة في الفترة90-1995، وابتداء من سنة 1996 ازدادت أهمية الودائع، خاصة الودائع لأجل في تغطية النشاط الائتماني، وهناك العديد من الأسباب التي أثرت سلبا على هذا النشاط، ومن بينها:
قلة الوعي المصرفي،ضعف انتشار البنوك، المنافسة الضعيفة في القطاعالمصرفي بسبب استحواذ القطاع العام على جزء هام من النشاط الاقتصادي، عدم قيام معدل الفائدة بوظيفته الأساسية وهو سالب في كثير من الأحيان، صغر حجم المصارف، ضعف استخدام التكنولوجيا ونظم المعلومات مما يفقدها التنافسية، ضعف الكفاءات الادارية.
والنشاط الاقتصادي في الجزائر يتأثر بالعوائد النفطية ونتيجةً كذلك لعدم مرافقة سياسات مالية هادفة لتحقيق الاستقرار في القطاع المصرفي حتى يحافظ على دوره في النشاط الاقتصادي، وبسبب أثار التضخم والمديونية لم يشكل النظام البنكي أداة دعم حقيقية لجهاز الإنتاج.
إذًا فلابد من مواصلة الإصلاحات في النظام البنكي، وعلى مستوى المؤسسات الاقتصادية تماشيا مع التحولات الاقتصادية العالمية.