يقول المؤرخون : إن الدولة العثمانية كانت أكبر وأبقى دولة أنشأها قوم يتكلمون اللغة التركية في العهود الإسلامية. وهي إلى جانب ذلك أكبر دولة قامت في قرون التاريخ الإسلامي المتأخرة. لقد كان مركزها الأصلي "آسيا الصغري" في أقصي الركن الشمالي الغربي من العالم الإسلامي، ثم امتدَّت فتوحاتها إلى ثلاث قارات هي : آسيا وأوربا وإفريقية. وتركت بصمات قوية في تاريخ العالم عامة والإسلام خاصة، فكيف تم للأتراك العثمانيين ذلك؟ ومَنْ هم؟ ومن أين جاءوا؟
أسئلة كثيرة تخطر بالبال حين يذكر أولئك الأتراك العثمانيون، ويتساءل الكثيرون عن أصلهم، ولابد من طرح هذه الأسئلة قبل الحديث عن حكمهم وفتوحاتهم.
يعتقد الكثيرون أن أصلهم من أواسط آسيا، وقد هاجروا في جماعات نحو الغرب، حتي استقروا أخيرًا في القرن السادس الميلادي بالقرب من منطقة بحر قزوين والجهات الواقعة شمال وشرق بلاد فارس .
وفي أيام الدولة الأموية، تمكنت الجيوش الإسلامية من الوصول إلى منطقة سكناهم، إلا أنهم لم يعتنقوا الإسلام جديّا إلا في أوائل العصر العباسي. وقد قربهم الخليفة المعتصم -كما عرفت- حين أراد أن يقضي علي سيطرة الفرس الذين كانوا يتمتعون بنفوذ كبير في الدولة العباسية وبخاصة في عهد المأمون.
وفي أواخر القرن الخامس الهجري، الحادي عشر الميلادي جاءت موجة أخري من الأتراك (المعروفين بالسلاجقة) وعلي رأسهم "طغرل بك"، وقضوا علي نفوذ البويهيين في بغداد، وخلصوا الخليفة العباسي من استبدادهم، وتقدموا حتى هددوا القسطنطينية، فتكتل المسيحيون في أوربا، وكان ذلك بسبب هزيمتهم أمام السلاجقة في ملاذكرد، وقاموا بتلك الحروب الصليبية التي أمدَّت في عمر القسطنطينية أربعة قرون.